عثمان، فأطلقاه، فخرج عثمان، ومضى لِطِيَّته، فوافى عليًّا بذي قار وهو على تلك الحال، فقال: يا أمير المؤمنين، بعثتَني ذا لحية فجئتُك أمرد، فقال: بعثتُك شيخًا وجئتَنا شابًّا، أصبتَ أجرًا وخيرًا، ودعا له.
وقال الهيثم: لم يكتبوا كتابًا إلى المدينة، ولم يَبعثوا رسولًا؛ لأن أمير المؤمنين ما أقام في طريق البصرة مدةً يُرسلون فيها رسولًا ويعود إليهم بالجواب، وإنما اتّفقوا مع عثمان أن يُوقف الأمر حتى يَرَوا ما يكون من أمير المؤمنين، ولا يَعترض أحدٌ لأحد، وتكون دارُ الإمارة والمسجد وبيت المال بيد عثمان، ويترك طلحة والزبير وعائشة أين شاؤوا.
فلما كتبوا كتاب الصُّلح على هذه القاعدة خلا طلحة بالزبير، فقال له طلحة: والله لئن قَدِم ابنُ أبي طالب ليَأخذنَّ بأعناقنا، فاتفقا على تَبييتِ عثمان والغدرِ به، فهجموا عليه، فأخذوه من المسجد غيلة وهو غار. فقال لهما: وَيحَكما، أغَدرًا بعد العهود والمواثيق والأيمان؟ فقالا خِفنا من ابن أبي طالب، وأرادا قتلَه فقال لهما: والله لئن شاكني أحدٌ منكم بشوكة لَيَضعنَّ أخي سَهل بنُ حُنَيف السيفَ في المدينة في آل طلحة والزبير، وليَقتُلنّ أولادَكما، ويَسبي حريمَكما، فكفّا عنه، وقالا لعائشة: ما نَصنع به؟ فقالت: أطلِقوه، وفي رواية: انتِفوا رأسَه وشعرَ وَجهه، ففعلوا.
وأصبح حُكيم بن جَبَلة ومَن تبعه من عبد القيس، ومَن نزع إليه من ربيعة، [فانتهى بهم إلى الزَّابوقة عند دار الرِّزق] فقالت عائشة: لا تقاتلوا إلا مَن قاتلكم، ونادَوا: مَن لم يكن من قَتلَةِ عثمان فليَكفُفْ عنا، فأنشب حُكيمٌ القتال وهو يَنال من عائشة.
وكان مع حُكيم بن جَبَلة ثلاثة: ذَرِيح بحِيال الزبير، وابن المحرِّش بحيال عبد الرحمن بن عتّاب، وحُرْقوص بحيال عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وحكيم بن جبلة بحيال طلحة، فحمل عليه طلحة في ثلاث مئة رجل، وحُكيم يضرب بسيفه ويقول:[من مجزوء الرجز]