الأجْدَع، فسلَّم عليهما وقال لعمار: يا أبا اليقظان عَلام قتلتم عثمان؟ قال: على شَتْم أعراضِنا وضَربِ أجسادنا، فقال: والله ما عاقبتُم بمثل ما عُوقِبتم به، ولا صبرتم فكان خيرًا للصّابرين.
ولقي أبو موسى الحسن فضمه إليه، وأقبل على عمار فقال: يا عمار، أعَدوتَ فيمن عدا على أمير المؤمنين، فأحلَلْتَ نفسَك محلَّ الفُجّار؟ فقال: لم أفعل، ولم تسؤني؟ فقطع الحسن عليهما الكلام وقال: يا أبا موسى، لم تُثَبِّط الناسَ عنا؟ فوالله ما نُريد إلا الإصلاح، وما مثل أمير المؤمنين مَن يُخاف على شيء، فقال: صدقتَ بأبي أنت وأمي، ولكن المستشار مؤتَمن، سمعتُ رسول الله ﷺ يقول:"ستكون فتنةٌ، القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي خيرٌ من الراكب"، وقد جعلنا الله إخوانًا، وحرَّم علينا دماءنا وأموالنا، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية [النساء: ٢٩]، وقال: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ الآية [النساء: ٩٣].
فسبّ عمار أبا موسى، فقال رجلٌ من بني تميم لعمار: اسكت أيّها العبد، بالأمس أنت مع الغَوغاء، وتُسافِه اليوم أميرَنا بهذا؟ وثار زيد بن صوحان وأتباعُه، وثار الناس، وجعل أبو موسى يُكفكف الناس، ثم انطلق حتى أتى المنبر، وسكن الناس.
وأقبل زيد بن صوحان ومعه الكتابان اللذان كتبتهما عائشة إلى الكوفة؛ كتاب الخاصة وكتاب العامة، وقال: أُمِرت بالقَرار في بيتها، وأُمِرنا بالقتال، فأَمرتنا بما أُمرت، وركبت ما أُمِرنا به!
وقال أبو موسى: أيها الناس، أطيعوني، شيموا سيوفكم، وقصّدوا رماحَكم، فإن الفتنة قد أقبلت، وذكر كلامًا طويلًا.
وقال عمار: هذا ابنُ عمّ رسول الله، وهو مُستنفِرُكم إلى زوجة رسول الله ﷺ، وإني أشهد أنها زوجتُه في الدنيا والآخرة، فانظروا في الحق، وقاتلوا معه طلحة والزبير.
وقام الحسن بن علي فقال: أيها الناس، أجيبوا دعوةَ أميركم، وسيروا إلى إخوانكم، فإنه سيوجد لهذا الأمر مَن يَنفر إليه، ولأن يليه أولو النُّهى أمثلُ في العاجلة، وخيرٌ في العاقبة، فأجيبوا دعوتَنا [وأعينونا] على ما ابتُلينا به وابتُليتم، فتسامح الناس،