هذا الدم إن كانوا أرادوا الله بذلك؟ قال: نعم، قال: أفترى لنا حجة بتأخيرك ذلك؟ قال: نعم إن الشيء إذا كان لا يُدرك فالأناة والحلم فيه أحوط، قال: فما حالنا وحالهم إن ابتُلينا غدًا؟ قال: إني لأرجو أن لا يُقتل أحدٌ منا ومنهم وفي قلبه تُقى لله إلا أدخله الله الجنة.
ثم قام علي ﵇ فخطب الناس وقال: أيها الناس، املِكوا أنفسَكم، واصبروا على ما نالكم، وإياكم أن تسبقونا فإن المخصوم مَن خصم اليوم.
قال: وارتحل على تعبيته التي خرج فيها، حتى إذا أطلّ على القوم بعث إليهم حَكيم بن سلامة ومالك بن حبيب يقول لهم: إن كنتم على ما فارقتُم عليه القعقاع، فكفُّوا لننزل ونَنظر في هذا الأمر.
رجع الحديث إلى سيف عن محمد وطلحة قالا: فلما نزل الناس واطمأنوا خرج علي وطلحة والزبير، وتواقفوا، وتكلّموا فيما بينهم، فلم يَجدوا أمرًا هو أمثل من الصلح ووضْعِ الحرب، وافترقوا على ذلك، ورجع علي ﵇ إلى عسكره، وطلحة والزبير إلى عسكرهما، ثم بعث إليهما وقتَ العشاء عبد الله بن عباس، وبعثا هما عبد الله بن الزبير إلى علي، وأن يُكلّم كلّ واحد منهما أصحابه، فقالوا: نعم، فلما أمسَوا - وذلك في جُمادى الآخرة، [أرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما، وأرسل علي إلى رؤساء أصحابه].
وفي رواية: لما نزل علي جاء إليه طلحة والزبير، واتفقوا على الصُّلح، وخرجا، فخرج علي مشيّعًا لهما، وأرسلا إلى أصحابهما بالصلح، وأرسل علي إلى أصحابه بمثل ذلك، وبات الفريقان بلَيلةٍ لم يبيتوا بمثلها للعافية التي قد أشرفوا عليها، وبات الذين أثاروا أمر عثمان بشرِّ ليلةٍ باتوها قط؛ قد أشرفوا على الهَلَكة، وجعلوا يتشاورون ليلتَهم كلّها، حتى إذا اجتمعوا على إنشاب الحرب أسرُّوا ذلك خيفةَ أن يُفطَن بهم، وحاولوا أمر الشر في الغَلَس، فأثاروا الحربَ ولم يَشعر بهم جيرانُهم، بل انسلُّوا انسِلالًا، فخرج مُضَرِيّهم إلى مُضَريّهم، وربيعتهم إلى ربيعتهم، ويمانيتهم إلى يمانيتهم، فوضعوا السلاح فيهم، فثار أهل البصرة، وخرج طلحة والزبير في وجوه الناس من مُضر، وبعثا عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى الميمنة، وعبد الرحمن