للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَيِّزه، وبعث عليها أبا الأعور يحميها.

قال هشام عن أبي مخنف: فحدثني تميم بن الحارث الأزدي، عن جُندب بن عبد الله قال: كنتُ مع أمير المؤمنين، فلما رآهم قد فعلوا ذلك أتيناه فأخبرناه -وكان قد نزل ناحيةً عن الفرات- وقلنا: قد عَطِش الناس، ولا نَجد شَريعة غير شريعةِ القوم، فقال الأشعث بن قيس الكندي: أنا أسير إليهم، فقال علي: سِرْ، قال: فسار وسرنا معه، فلما دَنونا من الماء ثاروا في وُجوهنا، فحَصَبونا وَرَشقونا بالنَّبْل، ورَشَقناهم ساعة، ثم اطَّعَنّا بالرماح وتضارَبْنا بالسيوف.

ثم جاء يزيد بن أَسَد البَجَلي مَددًا للقوم، وجاء عمرو بن العاص من عسكر معاوية في جُندٍ كثير يُمِدُّ أبا الأعور، وخرج شَبَثُ بنُ رِبْعيّ والأشتر من عسكر علي في جَمعٍ عظيم، واشتد القتال، فارتجز عبد الله بن عوف بن الأحمر الأزدي يقول:

خَلُّوا لنا ماءَ الفراتِ الجاري … أو اثبُتُوا لجَحْفَل جَرَّارِ

لكلِّ قِرْنٍ مُستميت شاري … مُطاعِن بُرمْحِه كَرَّار

ضَرَّابِ هاماتِ العِدا مِغوارِ

قال أبو مِخنف: وجعل ظَبيان بن عُمارة يقاتل ويقول: [من الرجز]

هل لك يا ظَبيانُ من بَقاء

في ساكنِ الأرضِ بغير ماءِ

لا وإلهِ الأرضِ والسماء

فاضرب وُجوهَ القوم بالأعداءِ

حتى يُجيبوك إلى السَّواءِ (١)

ثم إن القوم خَلّوا عن الماء، فما أمْسَوا إلا وسُقاةُ العسكَرَين يَزدحمون على


(١) في وقعة صفين ١٧٢، والطبري ٤/ ٥٧٠:
فاضرب وجوه الغُدر الأعداء
بالسيف عند حَمَس الوغاءِ
حتى يجيبوك إلى السواء