للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية ابن سعد أيضًا: فاعتَنَق فرسَه فركض، فمات في بني تَميم، فقال: تالله ما رأيتُ مَصرَعَ شيخٍ أضيع دماءً مني.

وقال ابن سعد: أخبرني مَن سمع أبا حُباب الكلبيّ يقول: حدثني شيخ من كلبٍ قال: سمعتُ عبد الملك بنَ مروان يقول: لولا أنَّ أمير المؤمنين مروان أخبرني أنه هو الذي قتل طلحة، ما تركتُ من ولد طلحة أحدًا إلا قتلتُه بعثمان.

وقال ابن سعد بإسناده عن قيس بن أبي حازم قال: رمى مروان بن الحكم طلحة يوم الجمل في رُكبَته، فجعل الدم يَغْذو يَسيلُ، فإذا أمسَكُوه استمسك، وإذا تركوه سال، فقال طلحة: والله ما بلغَتْ إلينا سهامُهم بعد، ثم قال: دَعوه فإنما هو سَهمٌ أرسله الله، فمات (١).

قلت: والأصحُّ أن مروانَ قتله، وعليه اجتماع العلماء.

قال هشام: رماه مروان بسهم فشَكَّ رُكبَته مع الفَرَس.

وقال الهيثم: لما أصاب السهمُ رُكبتَه خَلَّها مع السَّرج، فامتلأ مَوزَجُه دمًا، أو خُفَّه، أو جَورَبُه، فقال لمولاه: ويحك اردفني خلفي، وابغِني مكانًا لا أُعرف فيه، فلم أرَ اليوم شيخًا أضيعَ دمًا مني، فرَدَفه مولاه، وأمسكه من خلفه، حتى انتهى به إلى دارٍ خَرِبة بالبصرة، فأنزله فيها فمات.

وكذا قال البلاذري: لما وجد مروان غُرَّةً منه رماه بسَهم، وكان أبان بن عثمان واقفًا معه، فقال له مروان: قد كفيتُك أحدَ قَتَلةِ أبيك (٢).

وكذا ذكر الشيخ الموفق في "الأنساب"، وجدي رحمة الله عليهما في "التلقيح" و"الصفوة": أن مروان قَتلَه (٣).

وقد رُوي أن غير مروان قتله، فقال ابن سعد بإسناده عن محمد الأنصاري، عن أبيه قال: جاء رجلٌ يوم الجمل فقال: ائذنوا لقاتل طلحة، قال: فسمعتُ عليًّا


(١) الأخبار السالفة في طبقات ابن سعد ٣/ ٢٠٤.
(٢) أنساب الأشراف ٢/ ١٧٦.
(٣) التبيين ٣٢٢، والتلقيح ١١٤، وصفة الصفوة ١/ ٣٤١.