للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثة في رأسه واثنان في وجهه.

فلما طلع الصباح نادى منادٍ: يا أمَّة محمد، البقية البقية، تركتم الإسلام بعد ما دخلتم فيه، وأضعتم الصلاة، الله الله.

وأصبح القتال بحاله، وحمل الأشتر بأهل العراق وربيعة على أهل الشام، فقتل صاحب رايتهم، فانتقضت صفوف أهل الشام، وأيقن معاوية بالهلاك.

وقال ابن عبد البر، نادى حَوْشب الحميريّ: يا ابن أبي طالب، انصرف عنا، نَنشُدك اللهَ في دمائنا ودمك، ونُخلّي بينك وبين عراقك، وتُخلّي بيننا وبين شامنا، فقال أمير المؤمنين: هيهات يا ابن [أم] ظُلَيم، لو علمتُ أن المداهنة تَسَعُني في دين الله لفعلت، ولكن الله لم يَرض من أهل القرآن بالمداهنة وهم يطيقون الدفاع، حتَّى يَظهر أمرُ الله تعالى (١).

وقال ابن إسحاق: أقاموا يتراسلون شهرًا، ويَفْزَعون فيما بين ذلك [الفَزعةَ بعدَ الفَزعة]، ويحجز بينهم القراء والصالحون، فيفترقون عن غير حرب، وكانوا يكرهون اللقاء مخافةَ الاستئصال، غير أنَّه كان يخرج الجماعة من هؤلاء وهؤلاء فيقتتلون بين العسكرين.

قال: ودخل أبو أُمامة الباهليّ على معاوية فقال له: علام تقاتل عليًّا وهو أحق بهذا الأمر منك؟ فقال: أقاتله على دم عثمان، قال: أهو قتله؟ قال: آوى قتلتَه، فاسأله أن يُسلمهم إلينا فأنا أول مَن بايعه. فدخل على علي ومعه جماعة من الصحابة فقال: سلم إليهم قَتلَة عثمان، فاعتزل من عسكر علي زهاء عشرين ألف رجل، فصاحوا: نحن قتلْنا عثمان، فخرج [أبو] أُمامة فلحق بالساحل، ولم يشهد شيئًا من تلك الحروب (٢).

ولما نَشِبت الحرب جعل علي عمار بن ياسر على الخيل، وعلى الرجَّالة عبد الله بن بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي، ودفع الراية العظمى إلى هاشم بن عُتبة المِرقال، وجعل على الميمنة الأشعث بن قيس، وعنى الميسرة عبد الله بن عباس، وعلى رجَّالة الميمنة سُليمان بن صُرَد، وعلى رجّالة الميسرة الحارث بن مُرَّة العبدي، وفي القلب [مضر، وقي الميمنة] ربيعة، وضمَّ قريشًا وأسدًا إلى ابن عباس، وضم كِندَة


(١) الاستيعاب (٥٩٨) وما بين معكوفين منه.
(٢) الخبر في وقعة صفين ١٩٠ والبداية والنهاية ٢/ ٥٠٧ وما بين معكوفين منهما.