للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الأشعث بن قيس، وضم بكرًا إلى الحُضَين بن المنذر، وجعل عَمرو بنَ الحَمِق على خُزاعة، وكتَّب الكتائب، وفرَّق الأُمراء على القبائل (١).

وأما معاوية فاستعمل على الخيل عمرو بن العاص، وعلى الرجَّالة مُسلم بن عُقبة المُرِّي، وعلى الميمنة عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وعلى الميسرة حَبيب بن مَسلمة، ودفع اللوء الأعظم إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، واستعمل على أهل دمشق الضَّحَّاك بن قيس، وعلى أهل حمص ذا كَلاع، وعلى أهل قِنّسرين زُفَر بن الحارث، وعلى أهل الأردن أبا الأعور السُّلَمي، وكتّب الكتائب، وفَرّق القبائل.

ولما كان في اليوم الأول تقابلت الصفوف، فكان كلّ فريق سبعةَ صفوف، فوقفوا تحت رايتهم لا يَنطق أحدٌ منهم بكلمة، فخرج رجل من أهل العراق يُسمَّى حَجْل (٢) بن أثال، وكان من فُرسان العرب، وطلب البراز وهو مُقَنّع بالحديد، فبرز إليه أبوه أثال وكان في أهل الشام، ولم يعرف أحدهما صاحبَه، فتطاعنا وتضاربا وتطاردا، فلم يترجّح أحدهما على الآخر، فحمل الأب على الابن فاحتضنه فقلعه من سرجه، فسقط وسقط الأب عليه، فانكشفت وجوههما فتعارفا، فرجع كلُّ واحدٍ إلى عسكره، ثم فصل بينهم الليل.

ثم خرج في بعض الأيام عُتبة بن أبي سفيان، فوقف بين الصفين، فبرز إليه جَعْدَةُ بن هُبَيرة بن أبي وَهْب القرشي، فتجاولا وتقاولا، فأغضب جَعدةُ عُتبة، فشتمه عتبة، فحمل عليه جَعدة فانهزم، ثم خرج كلُّ واحد من الفريقين إلى الآخر على ما ذكرنا.

قال: وحمل عبد الله بن بُدَيْل بن وَرْقاء على صفوف أهل الشام في القُرَّاء فخرقها، وقتل جماعةً، حتَّى انتهى إلى الرابية التي عليها معاوية فحالوا بينهما، ولم يعمل في ابن بُدَيل حديد لما كان عليه من اللّبس، فصاح معاوية: ويحكم إن الحديد لم يُؤذن له في هذا، فعليكم بالحجارة، فضربوه بالحجارة حتَّى مات، وجاء معاوية فوقف عليه وقال: هذا كَبْش القوم، وهو واللهِ كما قال الشاعر (٣): [من الطويل]


(١) انظر الأخبار الطوال ١٧١، ووقعة صفين ٢٠٥.
(٢) في (خ): جحد، والمثبت من الأخبار الطوال ١٧٣.
(٣) البيتان لحاتم الطائي، والأول في ديوانه ٢٥٦، وهما في الأخبار الطوال ١٧٦، والطبري ٥/ ٢٤، ووقعه صفين ٢٤٦، ومروج الذهب ٤/ ٣٧٣، وأنساب الأشراف ٢/ ٢١٦ دون نسبة.