فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، ما تقول في رجل مات وترك ابنتين وأبوين وامرأة؟ فقال: لكل واحد من الأبوين السدس، وللابنتين الثلثان، قال: فالمرأة؟ قال أمير المؤمنين: صار ثُمنها تسعًا.
قلت: وهذا الجواب في غاية الفصاحة والرشاقة، وقد وافقه فقهاء الصحابة إلا ابن عباس؛ فإنه كان لا يقول بالعَول، فيُدخل النقص على الابنتَين لا غير، فيكون لكل واحد من الأبوين السدس كاملًا، وللمرأة الثمن كاملًا، وما بقي للابنتين، وعلي ﵇ ومَن يقول بالعول فإنه يدخل النَّقْضَ على الكُلّ لما ضاق عن الوفاء بالمقدرات.
وأصل المسألة من أربعة وعشرين، وتعول إلى سبعة وعشرين، للزوجة الثمن وهو ثلاثة، وللبنتين الثلثان ستة عشر، وللأبوين ثمانية لكل واحد أربعة، فكان أصلها من أربعة وعشرين، إلا أنها زادت بثمنها وهو ثلاثة، فيدخل النقص على الكل نسبة واحدة لما ضاق المال عن الوفاء بالمقدار، فيكون للزوجة ثلاثة من سبعة وعشرين تسعها، فهذا معنى قوله: صار ثمنها تسعًا.
وأما على قول ابن عباس ومَن نفى العول، فيُدخل النقص على الابنتين لا غير، فيكون للزوجة ثمن كامل، وهو ثلاثة من أربعة وعشرين، وللأبوين لكل واحد منهما سدس كامل ثمانية، يبقى ثلاثة عشر تكون بين الابنتين، وقد قررناها في الفرائض.
ذكر جواب لمعاوية:
قال هشام بن محمد: كتب إليه معاوية: أما بعد، فإن أنْصَحَ الناس لله ولرسوله خليفتُه الثالث المظلوم عثمان، وإنك لكلّهم حَسَدْتَ، وعليهم بَغيت، عرفنا ذلك في نَظَرك الشَّزْر، وتنفُّسِك الصُّعَداء، وإبطائك عن بيعتهم، ولم تكن لأحدٍ منهم أكثر حَسَدًا لابن عمك منك (١)، وكان أحقّ أنك لا تفعل معه ذلك؛ لقرابته وصِهره، فقطعتَ رَحِمه، وقبَّحتَ مَحاسنه، وألَّبتَ الناس عليه، وأظهرتَ له الصداقة، وأبطنتَ له
(١) في (خ) و (ع) زيادة: وابن عمتك. والمثبت من وقعة صفين ٨٧، وأنساب الأشراف ٢/ ١٩٤، والعقد ٤/ ٣٣٥.