وقال عكرمة عن ابن عباس قال: لما قَرُبَ رسولُ الله ﷺ من مكَّة عامَ الفتح قال: "إنَّ بمكَّةَ لَأربعةَ نَفَرٍ منْ قريشٍ أربأ بهم عن الشركِ، وأَرغبُ لهم في الإسلام: عتَّاب بن أُسَيد، وجُبَير بن مُطْعِم، وحكيم بن حِزام، وسُهيل بن عمرو"(١).
وهذه الرواية تدل على أَنهم أَسلموا بعدَ الفتح.
قال الواقدي: والكلُّ أسلموا وصحبوا رسولَ الله ﷺ.
وقال الزُّبير بن بكَار: جُبير بن مُطْعِم من حكماء قريش وساداتهم، ويؤخذ عنه النسبُ، وهو إنَّما أخذه عن أبي بكرٍ الصدّيق، وكان أنسبَ العرب.
قال: وكان عمر بن الخطاب يُعَظِّمُه، وولَّاه الكوفة، ثم عزله قبل أن يُقْتَلَ بيسير، وولاها المُغيرةَ بن شعبة، وبقي بها حتى قُتل عمر.
وجُبير بن مُطْعم أحد الذين دفنُوا عثمان بن عفّان، وقد ذكرناه.
وقال ابن إسحاق: كان جُبير من المؤلَّفة قلوبُهم؛ أعطاه رسول الله ﷺ يومَ حنين مئةً من الإبل.
وقال الشعبي: وَفَد جبير بن مُطْعِم على معاوية في وَفْدِ أهلِ الكوفة، فشكَوْا إليه أحوالهم وقال له جُبَيرٌ: يا مُعاويةُ، لا تُلْهينَّك أرياف الشام عن جبال تِهامة، ولا يُنْسينَّكَ من استبدلت من أهل الشام عن شيُوخ مكَّةَ والمدينة، فإنَّ فيهم أترابَكَ وأسنانَ أَبيكَ. فرقَّ مُعاويةُ وقال: سَلوني لأنفسكم؟ مَنْ خلَّفْتُم؟ وسَمُّوا لي مَنْ خَلَّفْتم من العُجَّزِ صواحباتِ هند، وشيوخ مكّة أخلّاءِ أبي سفيان، فواللهِ إنَّ قلبي بفرقد الحجازِ وأباطح مكَّة لمتعلِّق. فلم يسألوه شيئًا إلّا أعطاهم.
فلما قَدِموا مكَّةَ سألهم سعيد بن العاص عن حالهم، فأخبروه فقال: واللهِ ما رقَّ لشيخٍ منهم، ولا رَحِمَ يتيمًا، ولا نظر لفقراءِ قريش، ولقد قَصَّر فيما فعل. وبلغ معاويةَ فعاتبه.
(١) جمهرة نسب قريش ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣، ومختصر تاريخ دمشق ٦/ ٧.