للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابنُ عساكر: دخل عقيل على معاوية بعدما ذهبَ بصرُه، فأَقْعَدَهُ معه على سريره وقال [له]: أنتُم يا بني هاشم تُصابون في أبصاركم. فقال له عقيل: وأنتم يا بني أُمية تُصابون في بصائركم (١).

وقال أيضًا: دخل عقيل على معاوية يومًا، فأجلسه إلى جَنْبه، ودخل عتبةُ بن أبي سفيان، فوسَّع له معاوية، فجلس بينه وبين عقيل، فقال عقيل: من هذا الذي جلس بيني وبينكَ؟ فقال معاوية: أخوك وابنُ عمِّك عتبةُ. فقال: أما إنَّه أقربُ إليك مِنِّي، وأنا أقربُ إلى رسول الله منه ومنك. فقال له عتبة: أنت كما وَصَفْتَ، ورسولُ الله أعظم مما تَصِفُ، ولك عندنا أكثر مما لنا عندك، ونحن عارفون بحقِّك (٢).

وقال: قال له معاوية يومًا وقد دخل عليه: هذا عقيلٌ عمُّه أبو لهب. فقال عقيل: وهذا معاوية عمَّتُه حمَّالة الحطب. ثم قال: يا معاوية، إذا دَخَلْتَ النار فاعدِل ذاتَ اليسار، فانظر أيّهما خيرٌ، الفاعل أو المفعول به (٣)؟

قال: وقال له يومًا معاوية: ما أبينَ الشَّبَقَ في رجالكم يا بني هاشم؟ فقال عقيل: يا بني أُمية، هو في نسائكم أبين.

قال: وقال العُتْبي: تزوَّجَ عقيل امرأة من بني أُميَّة وهي قريبة بنت حَرْب، أُخت أبي سفيان، وكان قد خطبها أربعةَ عشرَ رجلًا من أهل بدر، فأَبَتْهُم، وتزوَّجت عقيلًا، فقيل لها في ذلك، فقالت: إنَّ هؤلاء كلَّهم كانوا يوم بدر على الأحبَّة، وكان عقيل معهم.

قال: وقالت له يومًا: يا أبا يزيد، أين أخوالي وأعمامي التي كانت أعناقُهم كأنَّها أباريقُ فِضَّة؟ فقال: إذا دخلتِ النارَ فخُذي عن شمالك.

قال: وكانت تحته [ابنةُ] عتبة بن ربيعة، فقالت له يومًا وهي خالةُ معاوية: واللهِ لا أُحبُّكم أبدًا يا بني هاشم، قتلتُم أبي وعمي، وأخي وابنَ أُختي، تُرى أين هُم؟ فقال لها: إذا دخلتِ النارَ فخُذي عن يسارك تَرَينَهُم هناك أجمعين.


(١) العقد الفريد ٤/ ٥. ولم أقف عليه عند ابن عساكر.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الخبر بنحوه في المصدر السابق "تاريخ دمشق" ٤٨/ ١٥١ (طبعة مجمع دمشق).