للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانهزموا، واختبأ عمرو بن الحَمِق في دار بعضِ الأَزْد، واسمُ صاحبها عُبيد الله بن مالك.

قال أبو مِخْنَف: وانحاز أصحابُ حُجْر إلى أبواب كِنْدَة، وكانت بغلةُ حُجْر عند باب المسجد، فقدَّمها إليه عُمير بن يزيد الكِنْدي -ويقال له: أبو (١) العَمَرَّطَة- وقال له: اركبْ، فما أراكَ إلا قد قَتَلْتَ نَفْسَكَ، وقتلتنا معك.

ومضى حُجْر هذا، وزيادٌ على المنبر يُحَرِّضُ الناسَ ويُجهِّزُ القبائلَ إلى حُجْر: همدان، وتميم، وهوزن، وغَطَفان، ومَذْحِج، واليمن، وغيرهم، فتوقَّف بعضُهم من همدَان، وآخرون من كِنْدَةَ مراعاةً لحُجْر. قال: وكان أبو العَمَرَّطَة لَمّا أَركبَ حُجْرَ بنَ عَديّ بَغْلَتَهُ ضَرَبه يزيدُ بنُ طريف السُّلَميُّ على فَخِذِه، وضَربَ أبو العَمَرَّطَة رأسَ يزيد، فجرحه فوقع، ثم إنَّه بَرَأَ بعد ذلك. وكان ذلك السيفُ أوَّلَ سيف ضُرِبَ في الكوفة في أيام الفتنة.

ومضى أبو العَمَرَّطَة مع حُجْر إلى داره، ولما انتهى حُجْر إلى داره؛ نظر، فرأى قِلَّةَ مَنْ معه من قَوْمه، وبَلَغَهُ أن زيادًا قد جَهَّزَ القبائل إليه، قال لأصحابه: انصرفوا، فواللهِ ما لكم بالقوم طاقَة.

قال أبو مِخْنَف: وأَخَذَ حُجْر في بعضِ السِّكَكِ، فانتهى إلى دارِ رجُل يقال له: سليمان بن يزيد (٢)، وجاء الطلبُ خَلْفَه حتى انتَهوْا إلى تلك الدار، فأخذ سليمان بن يزيد سَيفَه، ثم ذهبَ ليخرجَ إليهم، فبكت (٣) بناتُه، فقال له حُجْر: ما تُريدُ أن تَصنَع؟ فقال: أُقاتِلُهم حتى أُقْتَلَ، ولا تُؤْخَذَ أسيرًا من داري أبدًا وأنا حيٌّ أَملِكُ قائمَ سَيفي، إني أخاف العار. فقال حُجْر: أما في دارِكَ خَوْخَةٌ أَخرجُ منها، عسى يسلِّمني الله ويسلِّمُك؟ قال: بلى. فأخرجه من خَوْخَةٍ تأخُذُ إلى النَّخَع، فجاء إلى دار عبد الله بن الحارث أخي الأَشتر، فَدَخَلَها، فلما استَتَرَ قيل له: قد وَصَلَ الشُّرَطُ في طَلبِكَ؛ وكانت قد رأتْهُ أَمَةٌ سوداءُ، فغمزت عليه، فخرج إلى دارِ ربيعة بن ناجد الأزديِّ.


(١) في النسختين (ب) و (خ): ابن، بدل: أبو، وهو خطأ.
(٢) في "تاريخ" الطبري ٥/ ٢٦٢: سليم بن يزيد (في الموضعين).
(٣) في النسختين (ب) و (خ): فبكى، والمثبت من "تاريخ" الطبري.