للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ما غضبي على مَنْ أملكُ وأنا قادرٌ عليه، ولا غضبي على مَنْ لا أملكُ ولا تناله يدي (١).

وقال عمرو بن العاص يومًا لمعاوية: قد أعياني أن أعلم أشجاعٌ أنتَ أم جبان. قال: ولم؟ قال: لأني أراك تُقْدِمُ حتى أقول: أراد القتال، ثم تتأخَّر حتى أقول: قد أراد الفرار. فقال معاوية: ما أُقدِمُ حتى أرى التقدُّم غُنمًا، ولا أتأخَّرُ حتى أرى التأخُّر حزمًا. وأنشد للطائيّ:

شُجاعٌ إذا ما أمكنَتْنيَ فُرْصَةٌ … وإلا (٢) تكن لي فُرصةٌ فجبانُ (٣)

وقال معاوية حين مات أخوه عُتبة. لولا أنَّ الدنيا بُنيَت على نسيان الأحبَّة؛ ما نَسِيتُ عُتبةَ أبدًا (٤).

وقال عمرو بن العاص لمعاوية: رأيت في المنام كأنَّ القيامةَ قد قامت، وأنت تُحاسَبُ، وقد ألجمَكَ العرقُ. فقال معاوية: أما رأيتَ هناك دَخْلَ مصر (٥)؟!.

وقال معاوية لعبد الرحمن بن أمّ الحكم (٦): قد بلغني أنك لهجت بالشعر، فإيَّاك والتشبُّبَ بالنساء، فتَغُرَّ (٧) الشريفة، وإياك والهجاء؛ فإنك تهجو (٨) به كريمًا، وتستثير (٩) به لئيمًا، وإياك والمدحَ، فإنه طُعْمَةُ الدنيء الوَقِح، ولكن عليك بمفاخر قومك، وذكرِ الأمثال السائرة مما تَزِين به نفسَك، وتستدلُّ به على صحة عقلك، وتؤدِّبُ به غيرَك.


(١) أنساب الأشراف ٤/ ١٣٥. وينظر "مجمع الأمثال" ٢/ ٢٦٧.
(٢) في (م): وإن لم.
(٣) مروج الذهب ٥/ ٤٨ وتاريخ دمشق ٦٨/ ٢٩١، وينظر "العقد الفريد" ١/ ٩٩.
(٤) ينظر "العقد الفريد" ٣/ ٢٤٤. ونُسب الكلام في (م) إلى المدائني.
(٥) ينظر "عيون الأخبار" ١/ ٣١٨، وفيه: هل رأيت شيئًا من دنانير مصر؟ وبنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ٩٣.
(٦) في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٠: لعبد الرحمن بن الحكم بن العاص.
(٧) في (ب) و (خ): فتغير. والمثبت من المصدر السابق. ولم يرد هذا الخبر في (م).
(٨) في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٠: تهجن، وفي "تاريخ الطبري" ٥/ ٣٣٦: تعرّ.
(٩) في (ب) و (خ): تستر، والمثبت من المصدرين السابقين.