للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال معاوية (١): من كَتَمَ سِرَّه كان الخِيارُ له، ومن أفشاه كان الخِيارُ عليه (٢).

وقال: أنا أعلم بأغلى شيء في السوق وأرخصِه. قالوا: ما هو؟ قال الجيِّد رخيص، والرديءُ غالٍ (٣).

[قال الواقدي:] وكان يقول: ما من عدوّ إلا وأنا قادر على مداراته واستصلاحه، إلا عدوَّ نعمةٍ وحاسدَها، فإنه لا يُرضيه مني إلا زوال نعمتي، فلا أرضاه الله أبدًا (٤).

ذكر بعض واقعاته مع عبد الله بن الزبير (٥):

دخل الحسين Object على معاوية ومعه مولاه ذكوان، وعند معاوية جماعةٌ من قريش، منهم عبد الله بنُ الزبير، فأجلسَه معاويةُ معه على سريره، ورحَّبَ به، وقال له: يا أبا عبد الله، تَرَى هذا القاعدَ -وأشار إلى ابن الزبير- سيدركُه الحسد لبني عبد مناف.

فقال ابنُ الزبير: أمَّا الحُسين؛ فقد عَرَفْنا فضلَه وقرابتَه من رسول الله Object، فإنْ شئتَ أَنْ أُعَرِّفَك فضلَ الزُّبير على صخر بن حرب؛ فعلتُ. فقال ذكوان مولى الحسين Object: يا ابنَ الزُّبير، إنَّ مولايَ ما منعَه من الكلام إلا أنه كُفي بغيره، وإلا فهو طَلْقُ اللسان، رابطُ الجَنان، إنْ تكلَّم؛ تكلَّمَ بعلم، وإنْ صمتَ؛ صمتَ بحِلْم، فأنا القائل فيه:

إنَّ الذي يجري لِيُدركَ شأْوَهُ … يُنْمَى لغير مُسَوَّدٍ ومُسَدَّدِ (٦)

بل كيف يُدركُ نورَ بدرٍ ساطعٍ … خيرِ الأْنام وفَرع آلِ محمدِ

جَزْل الكلامِ وسابق في علمِهِ (٧) … والناسُ بين مُقَصِّرٍ ومُبَلِّدِ


(١) في (م): وقال المدائني: كان معاوية يقول.
(٢) أنساب الأشراف ٤/ ٣١. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (٤١٠) من كلام عتبة بن أبي سفيان لابنه الوليد عندما أخبره أن معاوية أسَّر إليه حديثًا. وكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" في ترجمة الوليد.
(٣) أنساب الأشراف ٤/ ٣٢.
(٤) المصدر السابق ٤/ ٧٦.
(٥) لم ترد هذه الفقرة في (م).
(٦) في (ب) و (خ): ومسود. والمثبت من "العقد الفريد" ٤/ ١٥.
(٧) في "العقد الفريد" ٤/ ١٥: فيم الكلامُ لسابق في غايةٍ. وجاء هذا البيت فيه أول الأبيات الثلاثة.