للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبيتٌ تخفُقُ الأرواحُ (١) فيه … أحبُّ إليَّ من قَصرٍ مُنيفِ

وكلبٌ ينبحُ الأضيافَ منّي (٢) … أحبُّ إليَّ من هِزٍّ أَلوفِ

وخِرْقٌ من بني عمِّي كريمٌ … أحبُّ إليَّ من عِلْجٍ عَلِيفِ (٣)

وسمعَها معاويةُ فقال: أنا العِلْجُ العَلِيف، فطلَّقَها وردَّها إلى أهلها، وذلك بعد ما ولدت يزيد.

[والخِرْق، بخاء معجمة وراء مهملة: السَّخِيُّ الكريم].

ولم يكن عند معاوية أعزَّ عليه من يزيد، واجتمع عنده الخطباء، فأكثَرُوا، فقال: لأَرْمِيَنَّكُم بالخطيب المِصْقَع، قُم يا يزيد.

وكان عبدُ الله بنُ معاوية من أضعف الناس عقلًا وأحمقِهم، وشهد مَرْجَ راهِط مع الضحَّاك بن قيس، فأُخِذَ أسيرًا، فأُتيَ به عَمرَو بنَ سعيد الأشدق، فقال عمرو: يا أبا سليمان، نحن نُقاتل لنَشُدَّ مُلْكَكُم، وأنت تُقاتل لتُضعفه! فقال له: اسكُتْ يا لطيم الشيطان (٤).

مرَّ عبدُ الله بطحَّان قد علَّق في عنق بغلِ الطاحونة جُلاجِلَ (٥)، فقال عبد الله: لِم فعلتَ هذا؟ فقال: أنا في العِلّيَّة وهو يدور، فربَّما وقف ولم أعلم به، فجعلتُ في عنقه هذه الجُلاجِل حتى إذا وقف علمتُ. فقال: أرأيتَ لو وقفَ وحرَّك رأسَه، من أينَ تعلم أنه قد وقف؟ فقال الطحَّان: ليس له عقل مثل عقل الأمير، إذْ لو كان له عقلٌ كعقل الأمير لوقف (٦)!.


(١) في (م): الأرياح، وكلاهما جمع ريح.
(٢) في (م): منه.
(٣) أي: سمين (قاله ابن عساكر). ووقع في (ب) و (خ): عنيف (وكذا في الموضع الآتي) والمثبت من (م)، وهو الموافق لما في "تاريخ دمشق" ص ٤٠٠ و ٤٠١ (تراجم النساء).
(٤) أنساب الأشراف ٥/ ٣٠٨، وتاريخ دمشق ٣٩/ ١٥٧ (طبعة مجمع دمشق). قوله: لطيم الشيطان: لقب لعمرو بن سعيد الأشدق لقب به لأنه كان أفقم مائل الذقن. قاله العسكري في "الأوائل" ١/ ٣٦١. ويقال هذا اللقب أيضًا لمن به لَقْوَة. ينظر "مجمع الأمثال" ١/ ٤٣٧.
(٥) جمع جُلْجُل، وهو الجرس الصغير.
(٦) تاريخ الطبري ٥/ ٣٢٩، وتاريخ دمشق ٣٩/ ١٥٧.