للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعث عبدُ الله بن معاوية إلى خالد بن عبد الله بن أسيد بقُيَّة إلى العراق، فلما وليَ الحجَّاج وجدَها، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يقول: إن عبد الله بن معاوية بعث بها إلى مصعب بن الزبير. فغضب عبد الملك وقال لعبد الله: ألستَ صاحبَ المَرْج، وتُهدي إلى عدوِّي قُبَّة؟! فقال: كذب الحجَّاج، إنما بعثتُ بها إلى خالد بن عبد الله. فصدَّقه عبد الملك (١).

وأما هند [بنت معاوية] فتزوَّجها عبدُ الله بنُ عامر بن كُريز.

[قال ابن عساكر (٢): كان دارُها بدمشق في دَرْب القلي] ولما كانت الليلة التي بنى بها ابنُ عامر امتنعت منه، فضربَها، فبكت وبَكَينَ جواريها (٣) وصِحْنَ، فسمع [ذلك] معاوية، فأُخبر الخبر، فجاء فدخل وقال لابن عامر: قَبَّحَكَ الله، مثلُ هذه تُضرب! وكانت بنتَ تسع سنين، وكان معاوية قد بنى لها دارًا إلى جانبه، وفتح لها بابًا إليه. ثم قال لابن عامر: اخرُجْ. فخرج، فقال لها معاوية: يا بُنيَّة، إنما هو بَعْلُكِ الذي أحلَّه اللهُ لكِ، وأحلَّكِ له. وأوجب الله عليك طاعته. ألم تسمعي إلى قول القائل:

مِن الخَفِراتِ (٤) البِيض، أمَّا حَرامُها … فصعبٌ وأَمَّا حِلُّها فذَلُولُ

ثم خرج، ودخل ابنُ عامر، فنال منها حاجته.

[وقد ذكرنا أنَّ ابنَ عامر طلَّقها لَمَّا رأى الشيب في وجهه] (٥).

وأمَّا عاتكة بنت معاوية (٦) فتزوَّجها يزيدُ بن عبد الملك، وفيها قيل:

يا بيتَ عاتكةَ التي أَتَعَزَّلُ … حَذَرَ العِدَا وبهِ الفؤادُ مُوَكَّلُ (٧)


(١) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣١٦. ولم يرد هذا الخبر ولا اللذان قبله في (م).
(٢) تاريخ دمشق ص ٤٥٩ - ٤٦٠ (تراجم النساء). وما بين حاصرتين من (م).
(٣) كذا في النسخ، وهو لغة.
(٤) جمع خَفِرة، وهي شديدة الحياء.
(٥) في ترجمته في أحداث السنة الثامنة والخمسين.
(٦) كذا قال المصنف، وذكرها أيضًا أول الفقرة، والذي قاله البلاذُري في "أنساب الأشراف" ٤/ ٣١٧: إنها بنت عبد الله بن معاوية.
(٧) البيت للأحوص الأنصاري، قيل: اسمه عبد الله، ولُقب بالأحوص لِحَوَصٍ في عينيه (أي: ضِيق في مُؤْخِر العين). ينظر "الأغاني" ٤/ ٢٢٤ و ٢١/ ٩٥ و ٩٨. قال أبو الفرج: أتعزَّل، أي: أكونُ بمَعْزلٍ عنه، والعِدا: جمع عدوّ. وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣١٧.