للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لم يكن لذلك الغلام همٌّ إلا اتّباع آثار التميمي ليقتلَه بأبيه، فلمَّا كان زمنُ مصعب؛ دخل الغلام عسكر مصعب (١)، فرأى التميميَّ قائلًا نصف النهار في فسطاطه، فدخل عليه فقتله (٢).

ولما قُتل حبيب بن مظهر، هدَّ ذلك الحسينَ وقال عندها: للهِ أحتسبُ نفسي (٣).

وصلَّى بهم صلاة الخوف في وقت الظهر، واشتدَّ القتال بعد الظهر، وتقدَّم زهير بنُ القَين، فقاتل قتالًا شديدًا وهو يقول:

أنا زهيرٌ وأنا ابنُ القَينِ … أَذُودُهم بالسيفِ عن حُسينِ

ثم أخذَ يضرب على منكب الحسين ويقول:

أَقْدِمْ هُديتَ هاديًا مَهْدِيَّا … فاليومَ تَلْقَى جدَّك النَّبِيَّا

وحسنًا والمرتضى عليَّا … وذا الجناحين الفتى الكَمِيَّا

وأسدَ اللهِ الشهيدَ الحيَّا

فشدَّ عليه كثير بنُ عبد الله الشعبيّ، ومهاجر بن أوس، فقتلاه.

وحمل عليهم نافع بن هلال الجَمَلي، فقتلَ اثني عشر من أصحاب ابنِ سعد، ثم تكاثروا عليه، فأخذه شَمِر أسيرًا، وجاؤوا به إلى عمر بن سعد، فقال: ويحك يا نافع! ما حملك على ما صنعتَ بنفسك؟! ثم ضربه شَمِر بالسيف، فقتله (٤).

وجاء أصحابُ الحسين ، فوقفوا بين يديه، قالوا: ما بقيَ إلا أن نفديَك بأرواحنا. وقاتلوا دونه واحدًا بعد واحد، حتى قُتلوا عن آخِرهم، فلم يبقَ منهم إلا اليسير.

وكان أوَّلَ قتيل من آل أبي طالب عليٌّ الأكبر بن الحسين بن علي ، وأمُّه ليلى بنت أبي مُرَّة بن عروة بن مسعود الثقفي؛ لما رأى أصحابَ الحسين قد قُتلوا وهم حوله كربيض الغنم؛ حملَ وهو يقول:


(١) في (ب) و (خ): ابن مصعب، وهو خطأ.
(٢) تاريخ الطبري ٥/ ٤٣٩ - ٤٤٠. وما سلف بين حاصرتين منه. وينظر "أنساب الأشراف" ٢/ ٤٩٤.
(٣) في "تاريخ الطبري": أحتسب نفسي وحُماة أصحابي.
(٤) تاريخ الطبري ٥/ ٤٤١ - ٤٤٢.