للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جؤجؤ الطَّير (١).

وكان الله قد أمره بغرس السّاج فغرسه ثلاثين سنة حتى تمّ واستوى، وقيل: في أربعين سنة.

وقال الربيع: الشجرة التي عمل منها السفينة نبتت حين ولد نوح، فارتفع طولها ثلاث مئة ذراع.

واختلفوا: في كم صنعها؟

فقال عكرمة: في مئة سنة، قال: وكان جبريل يعلِّمه كيف يصنعها.

وعن ابن عباس: أنه بناها في سنتين، وقال سلمان الفارسي: في أربع مئة سنة، وهذا تفاوت بعيد. قالوا: والأظهر في سنتين، لأنه موافق لحاله. وفجَّر الله عين القار ولم تكن قبل ذلك (٢).

قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ [هود: ٣٧].

قال مجاهد: معناه لا تسألني العفو عن هؤلاء الذين كفروا من قومك ﴿إنهم مُّغرَقونَ﴾ بالطُّوفان. وقال ابن عباس: أُمر أن لا يشفع فيهم.

قوله تعالى: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ﴾ أي: وكان يصنع الفلك ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ﴾ أي: استهزؤوا به، وهو يقول: ﴿إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ [هود: ٣٨] إذا رأيتم العذاب.

واختلفوا في طولها وعرضها على أقوال:

أحدها: أنه كان طولها ثلاث مئة ذراع، وعرضها خمسون ذراعًا، وارتفاعها في الهواء ثلاثة وثلاثون ذراعًا، رواه مجاهد عن ابن عباس (٣).

والثاني: أنه كان طولها ألف ذراع وعرضها ثلاث مئة وثلاثون. حكاه السُّدي عن أشياخه.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠٨٣٣)، والطبري في "تفسيره" ١٢/ ٣٤.
(٢) في عرائس المجالس ٥٧: وفجر الله له عين القار بجنب السفينة تغلي غليانًا حتى طلاها به.
(٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١٢/ ٣٥، وفي "تاريخه" ١/ ١٨١ عن قتادة.