للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهيثم: حمل عبدُ ألله بنُ حنظلة على أهل الشام حتى خرقَ الصفوف وهو في أوائل الخيل ومعه بنوه، فغشيَه النُّعاس، فمال إلى بعض بنيه، ثم انتبه، وإذا قد أنهزم أصحابُه والتكبيرُ في المدينة، فكسرَ جَفْن سيفِه، وقاتل حتى قُتل هو وأولادُه (١).

وقيل: إنه نزلَ يصلِّي الظهر، فقتلُوه في الصلاة.

وقاتل محمد بن سعد بن أبي وقاص قتالًا شديدًا، فلما انهزمَ الناس انهزم. وقُتل أعيانُ الأنصار، وهرب عبدُ الله بنُ مطيع على بغلته إلى مكة، وأباح مسلم المدينةَ ثلاثًا يقتلُون أهلَها، وينتهبون المال، ويقع أهل الشام على النساء، فأفزع ذلد من فيها من الصحابة، فخرج أبو سعيد الخدري، فدخل كهفًا في الجبل، فرآه رجل من أهل الشام، فدخك خلفَه، قال أبو سعيد: فانتضيتُ سيفي لأُرعبه لعلَّه ينصرف وهو يُقدم عليَّ، فشِمْتُ سيفي (٢)، ثم قلت له: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي﴾ [المائدة: ٢٨] قال: مَنْ أنتَ؟ قلت: أبو سعيد الخُدري. قال: صاحبُ رسول الله ؟ قلت: نعم. فانصرفَ عني (٣).

وحكى المدائني عن رجل من قريش قال. كنتُ أنزل بذي الحُليفة، فخرجتُ يومًا إلى المسجد، وإذا برجلٍ مريض، فقلت: مَنْ أنت؟ فقال: من خَثْعم، أقبلتُ من نجران إلى ها هنا، فمرضتُ، فانصرفَ أصحابي وتركوني.

قال: فحوَّلتُه إلى منزلي، وخدمتُه، وأحسنتُ إليه، وقمتُ عليه أَحسن القيام، فصحَّ وأقامَ عندنا مدَّةً كواحدٍ منَّا. وصُغْتُ لزوجتي حُلِيًّا من مئة دينار، وهو يراه.

وخرج الرجلُ إلى الشام، وتحوَّلنا إلى المدينة، فلما كان يومُ الحرَّة، خرجتُ من داري، فلمَّا انهزمَ الناس، عُدتُ إليها، وإذا بالرجل وأصحابِه ينهبون مالي، فقال: ما جئتُ إلا لأحقنَ دماءكم، أما الأموال فقد أباحها لي الأمير، وأنا أحقُّ مَنْ أخذَ مالك. فقلتُ له: اصرفْ أصحابَك وخُذه وحدَك. فصرفَهم، ثم قال: وأين الحُلِيّ؟ قلت: على


(١) ينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٧٣، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٤٩٥، و"تاريخ دمشق" ٦٧/ ٢٢٩.
(٢) أي: غمدتُه، وشامَه أيضًا: استلَّه. ضدٌّ. (معجم متن اللغة).
(٣) ينظر "تاريخ الطبري" ٥/ ٤٩١.