للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أذرع، وقُتل معه زيد بن عبد الرحمن بن عوف، وإبراهيم بن نُعيم العدويّ، ورجال من أهل المدينة [كثير] (١).

وقال هشام: كان مسلم بن عقبة مريضًا يوم القتال، فأمرَ بسريره، فوُضع بين الصَّفَّين، واستلقى عليه وقال: يا أهل الشام، قاتِلُوا عن أميركم، أو دَعُوا. فحملوا على أرباع أهل المدينة، فهزموهم وعبد الله بن حنظلة واقف، فاجتمع إليه من انهزم من تلك الأرباع، وحمل الفضل بن العباس حتى وصل إلى سرير مسلم، وكان حسنَ اللون أحمر أزهر، فلما رفعَ السيف ليضرب به رأسَ مسلم؛ صاح مسلم بأصحابه: إن العبد الأحمر قاتلي، فأين أنتم يا بني الحرائر! اشتجِروه بالرماح. فطعنوه حتى صُرع (٢).

ثم إن خيل مسلم ورجالَه حملوا على عبد الله بن حنظلة، واستَدْعَى مسلم بفرسه، فركبه، وجعل يحرِّضُ أهلَ الشام، ويذكِّرُهم الأحساب والأنساب، ثم عاد إلى مكانه الذي كان فيه (٣).

ونادى ابنُ الغسيل: يا أهل دار الهجرة، ما أظنُّ أنَّ الله رَضِيَ عن أهل بلد من بلدان الإسلام بأرضى منه عنكم، ولا هو على بلد أسخطَ منه على هؤلاء، الشهادةَ، ثم الشهادة.

ثم زحفَ برايته غير بعيد، ووقف، وأمر مسلم بنُ عقبة عبد الله بنَ عِضاه الأشعريّ، فزحفَ إلى ابنِ الغسيل في خمس مئة، فدنَوْا منهم، وترامَوْا بالنَّبْل، فصاح ابنُ الغَسِيل: مَنْ ارادَ أن يتعجَّل إلى الجنة فليلزمْ هذه الرَّاية. وقاتل قتالًا شديدًا لم يُرَ مثلُه، ثم جعل يُقدِّمُ بنيه بين يديه واحدًا بعد واحد، حتى قُتلوا بين يديه، فقُتل، وقُتل معه أخوه لأمه محمد بنُ ثابت بن قيس بن شمَّاس، وقتل معه محمد بنُ عمرو بن حَزْم الأنصاريّ. ومرَّ عليه مروان فقال: يرحمُك الله، فرُبَّ ساريةٍ قد رأيتُك تُطيل القيام إلى جنبها (٤).


(١) تاريخ الطبري ٥/ ٤٨٨ - ٤٨٩. وما بين حاصرتين منه. وينظر "أنساب الأشراف" ٤/ ٣٦٢ - ٣٦٣.
(٢) أنساب الأشراف ٤/ ٣٦٣، وتاريخ الطبري ٥/ ٤٨٩.
(٣) ينظر المصدران السابقان.
(٤) تاريخ الطبري ٥/ ٤٩٠ - ٤٩١.