للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسل الضحاك بن قيس إلى بني أمية، فأتاه مروان وعمرو بن سعيد، وخالد وعبس الله ابنا يزيد بن معاوية، فاعتذرَ إليهم، وذكرَ حُسن بلائهم عنده، وأنه لم يُرد شيئًا يكرهونه، وقال: اكتبوا إلى حسان بن مالك بن بَحْدَل حتى ينزل الجابية، ثم نسير إليه، فنستخلف رجلًا منكم.

فكتبوا إلى حسان، فأقبل حتى نزل الجابية، فلما استقلَّت (١) الرايات متوجّهة قال معن بن ثور (٢) السُّلمي ومن معه من قيس للضحاك: دَعَوْتَنا إلى بيعة رجل من أحزم الناس رأيًا، وأفضلهم دينًا، فلما أجبناك خرجتَ بنا إلى هذا الأعرابيّ من كلب لتُبايع ابنَ أخته. قال: فتقولون ماذا؟ قالوا: تنصرفُ، وتُظهر البيعة لابن الزبير. ففعل الضحاك، وبايعه الناس لابن الزبير.

وبلغ ابنَ الزبير، فكتب للضحاك بعهده على الشام، وكتب الضحاك إلى أمراء الأجناد ممن دعا إلى ابن الزبير فأتوه.

فلما رأى ذلك مروان خرج من الشام يريد ابن الزبير ليبايعه ويأخذ منه أمانًا لبني أمية، وخرج معه عَمرو بن سعيد بن العاص، فلما كانوا بأذرعات لقيهم عُبيد الله بنُ زياد من العراق، فسألهم عن حالهم، فأخبروه، فقال لمروان: سبحان الله! أرضيتَ لنفسك [بهذا] وأنت شيخ قريش وسيد بني عبد مناف أن تُبايع لأبي خبيب؟! واللهِ لأنت أولى بها منه. فقال له مروان: ما الرأي؟ قال: أن ترجعَ وتدعو إلى نفسك، وأنا أكفيك قريشًا. وقال عمرو بن سعيد: وأنا أكفيك بني أمية.

فرجع مروان وعَمرو بنُ سعيد إلى الشام، فنزلا تدمر، ودخل عُبيد الله بن زياد دمشق، فنزل بباب الفراديس، وكان يتردَّد إلى الضحاك كلَّ يوم يسلِّم عليه، فقال له يومًا: يا أبا أُنيس، العجب منك وأنت شيخُ قريش، تدعو لابن الزبير، وتدعُ، وأنت أرضى عند


(١) في (ب) و (خ): استقبلت. والمثبت من "طبقات" ابن سعد ٦/ ٥٤٤، و"تاريخ دمشق" ٨/ ٤١٦ (مصورة دار البشير).
(٢) في "أنساب الأشراف" ٥/ ٢٩٧، و"تاريخ الطبري" ٥/ ٥٣٣: ثور بن معن بن يزيد. قال البلاذري: ويقال: معن بن يزيد.