للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال المدائنيّ: إنما تزوَّج مروان أمَّ خالد بعد عوده من مصر (١)؛ قال: لمَّا رَجَعَ مروان من مصر نزل الأردنّ، فخطب أمَّ خالد بن يزيد، وهي أمُّ هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة (٢)، فأخبرَتْ ابنَها خالدًا، فقال: واللهِ ما يريد إلا أن يُسقط منزلتي وحُرمتي ويفضحني بين النَّاس. فأَبَتْ إلَّا أن تتزوَّجه، فلما دخلَ بها ليلة البناء؛ قعدت معه على فراشه، فأقبل ينظر إلى السقف ويحدِّثُ نفسه، ولم يكلّمها حتَّى أصبح، وخرجَ إلى الصلاة، فأرسلت إلى صاحب شرطته وقالت: أما ترى ما صنع بي صاحبُك من الاستخفاف؟! وقد عصيتُ ولدي والناسَ فيه. فأخبر مروان بما قالت، فقال: إنّي كنتُ شابًّا وأنا مقبلٌ على أمر آخرتي لا أؤثر عليها شيئًا، فلما كَبِر سنِّي واقترب أجلي آثرت دنياي على آخرتي، فأُتيتُ بها وأنا مفكِّر في ذلك، فشُغلت عنها (٣).

[وقال الهيثم: ما زال مستخفًّا بها وبابنها منذ دخل بها ليفضحَها ويفضحَ ابنَها حتَّى قَتَلَتْه] (٤).

ودخل خالد يومًا على مروان وعنده جماعة كثيرة وهو يمشي بين الصفَّين، فقال مروان: والله إنه ما علمتُ لأحمق. ثم قال: تعال يَا ابن الرطبة. فقال له خالد: يَا مروان، واللهِ ما أحسنتَ العِشْرة، ولا أدَّيتَ الأمانة، واللهِ لقد نَهَينَاها عنك فأبت، فأبعدَ اللهُ ساعتك. ثم نهض، فدخل على أمّه باكيًا، فأخبرَها، فقالت: اكُتمْ هذا، فوالله لا سمعتَ بعدها منه ما تكره.

ودخل مروان عليها فقال لها: ما الذي قال لك خالد؟ قالت: وما عساه أن يقول، وأنت عنده بمنزلة الوالد.

وجاء وقت القائلة، فنام عندها فاتفقت مع جواريها على خنقه، فأخذَتْ وسادةً، فجعلتها على وجهه، فخنقته، ثم رفعت الوسادة وقامت، فشقت جيبها، وفعل جواريها كذلك، ثم صِحْنَ ووَلْوَلْنَ.


(١) من قوله: واختلفوا فيها على قولين … إلى هذا الموضع أثبتُّه من (م)، وقد وقع في (أ) و (خ) مختصرًا جدًّا. ولم يرد فيهما أَيضًا خبر ابن سعد.
(٢) في (أ): زمعة.
(٣) أنساب الأشراف ٥/ ٣١٣ - ٣١٤.
(٤) ما بين حاصرتين من (م).