للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى أبو مِخْنَف عن عامر الشعبي قال. كنتُ أنا وأبي أوَّلَ مَنْ أجابَ المختار. قال: فلما تهيَّأ خروجُه قال له أحمر بن شُميط ويزيد بن أنس وعبد الله بن كامل وعبد الله بن شدَّاد: إنَّ أشراف أهل الكوفة مجتمعون على قتالك مع ابن مطيع، فإنْ وافَقَنَا إبراهيمُ بنُ الأشْتَر رَجَوْنا النصر عليهم، فإنَّه فتًى رئيس (١)، وابنُ رجل شريف، وله عشيرة. قال: فالْقَوْه فأخْبِروه ما نحنُ عليه.

قال الشعبي: فخرجوا إليه وأنا وأبي معهم فقالوا له: قد أتيناك في أمرٍ، فإنْ قبلتَه كان خيرًا لك، وإن تركتَه فقد أدَّينا إليك النصيحة، ونحبّ أن يكون عندك مستورًا. وكان المخاطب له يزيد بن أنس.

فقال إبراهيم: مثلي لا تُخاف غائلتُه ولا سِعايتُه، ولا التقرُّب إلى سلطانه (٢). قالوا: إنَّا ندعوك إلى أمرٍ إن أجَبْتَنا [إليه] عادت لك منزلةُ أبيك. ودعَوْه إلى أمرِهم وما هم عليه، وقالوا: تُحيي من أبيك أمرًا قد مات. فقال لهم إبراهيم: فإنِّي أجيبُكم (٣) إلى ما دعيتموني (٤) إليه من الطلب بدم الحسين وأهل بيته على أن تُولُّوني الأمر. فقالوا له: أنتَ أهل لذلك، ولكن لا سبيل إلى ذلك، هذا المختار قد جاءنا من قِبَل المهديّ، وهو المأمور بالقتال، وقد أُمِرْنا بطاعته. فسكت إبراهيم. وعادوا فأخبروا المختار.

قال الشعبي: فأقام المختارُ ثلاثًا، ثم دعا بضعةَ عشرَ رجلًا من وجوه أصحابه وأنا وأبي فيهم، ثم خرج يمشي أمامَنا ليلًا، ولا ندري أين يذهب بنا، حتَّى أتى بابَ إبراهيم بن الأشتر، فاستأذنَ، فأذنَ له، فدخلْنا، فأجلسه معه على فراشه، ووُضعت لنا الوسائد، فأخرج له المختار كتابًا وقال: هذا كتابُ المهديّ محمَّد بن أمير المُؤْمنين، وهو يسألُك أن تنصرَنا وتُؤازرَنا، فإنْ فعلتَ اغتبطتَ، وإنْ لم تفعل فهذا الكتاب حجَّةٌ عليك.


(١) في "تاريخ الطبري" ٦/ ١٥ (والرواية فيه): بئيس، وفي "أنساب الأشراف" ٦/ ٤٧: فتى ماض.
(٢) بعدها في "تاريخ الطبري" ٦/ ١٥: باغتياب النَّاس.
(٣) في (أ) و (خ) و (ص): فإن أجبتكم. والمثبت من"تاريخ" الطبري ٦/ ١٦. وفي "أنساب الأشراف" ٦/ ٤٧: قد أجبتكم. ولفظة "إليه" السالفة بين حاصرتين من"تاريخ" الطبري.
(٤) كذا في (أ) و (خ) و (ص). وهي لغة. وفي "تاريخ الطبري": دعوتموني.