للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني أنها ما كانت تظهر له محبَّتَها، فلما علم بحبِّها إياه ندم على إقدامه على القتل (١).

فلما قُتل خرجت [سُكينة] تطوف عليه بين القتلى، فعرفَتْه بشامةٍ في فخذه، فأكَبَّتْ عليه تقبِّلُه وتبكي وتقول: رحمك الله، فواللهِ لقد كنتَ نِعْمَ حليلُ المرأة المسلمة، أدركَكَ ما قال عنترة. وأنشدت الأبيات:

ليس الكريمُ على القَنَا بمحرَّمِ (٢)

ذكر ما رُثي به من الشعر، وما قال عبد الملك بعد قتله:

وقد رثاه جماعة؛ قال ابنُ قيس الرُّقَيَّات:

لقد أوْرَثَ المِصْرَينِ حُزْنًا وذِلَّةً … قتيلٌ بدَيرِ الجاثَليقِ مقيمُ

فما نَصَحَتْ للهِ بكرُ بنُ وائلٍ … ولا صَبَرَتْ عند اللقاءِ تميمُ

ولو كان بكريًّا تعطَّفَ حولَهُ … كتائبُ تجري حولَه وتَحومُ

ولكنه ضاع الذِّمامُ ولم يكن … بها مُضَريٌّ يومَ ذاكَ كريمُ

جزى الله كوفيًّا هناك مَلامةً … وبَصْرِيَّهم (٣) إن اللئيمَ ملومُ

من أبيات.

ورثاه المغيرة بن عبد الله الأسدي الكوفي، وكنيتُه أبو مُعْرِض، ويُعرف بالأُقَيشر بحمرة وجهه (٤):

فسقى السحائبُ والنجومُ بأسرها (٥) … جسدًا بِمَسْكِنَ عاريَ الأوصالِ


(١) في هذا الكلام نظر، ففيه صرف عن حقيقة المعنى والهدف الَّذي كان عليه مصعب. وهذه رواية هشام ابن الكلي، وهو متروك.
(٢) تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦٨، وفيه بيتان لعنترة:
وحليلِ غانيةٍ تركتُ مجدَّلًا … بالقاع لم يعهدْ ولم يتثلَّمِ
فهتكتُ بالرُّمح الطويل إهابَهُ … ليس الكريمُ على القَنَا بمحرَّمِ
(٣) في النسخ الخطية (غير م، فليس فيها): واسريهم! والمثبت من "ديوان" ابن قيس الرقيات ص ١٩٧، والأبيات فيه ببعض الاختلاف، وكذا في "تاريخ دمشق" ٦٧/ ٣٧٧.
(٤) لم أقف على الأبيات للأقيشر، ونسب ابن كثير في "البداية والنهاية" ١٢/ ١٥٦ الأبيات لعُبيد الله بن قيس الرقيات، وهي في "ديوانه " ص ١٩١.
(٥) في المصدرين السابقين: نعت السحائبُ والغمامُ بأسرها.