للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلا فمِن آل المُرار فإنّهم … ملوكٌ عظامٌ من كُماةٍ ضَراغمِ

فقمتُ إلى عَنْزٍ بقيةُ أعنُزٍ … فأذبحُها فعلَ امرئ غيرِ نادمِ

فعوَّضني منها غَنائي ولم يكن … يُساوي لُحيمُ العنزِ خمس دراهمِ

بخمس مئينٍ من دنانيرَ عَوَّضَتْ … عن العَنْزِ ما جادتْ به كفُّ آدمي

ثم أرته الدنانير فقال: بئس مَعقِلُ الأضيافِ والله أنتِ، أبعتِ معروفَك بما أرى من الأحجار؟! فقالت: قد امتنعتُ من قَبولها مخافة العَذْل، فقال: أخِفتِ العذلَ وما خِفتِ العار؟ كيف أخذ الرَّكب؟ قالت: كذا، فركب فرسه وقال: أنا ذاهب إليهم، فإن سَلَّموا إلي معروفي وإلا حاربتُهم، فقالت: ناشدتك الله أن تَسُوْءهم.

فركب وأخذ الدّنانير، فربطها في رأس رُمحه، ولحقهم فقال: خذوا أحجارَكم ورُدُّوا عليَّ معروفي، فلاطفه عبد الله وقال: كيف يرجع إلينا شيءٌ قد أمضيناه، فقال خذوها وإلا حاربتكم، وتهيّأ للقتال، فلما رأى عبد الله ذلك قال لغلمانه: خذوها، ثم قال له: هل لك أن نُزَوّدك من طعامنا؟ فقال: لا، الحيُّ قريب.

ثم سار والتفت فقال لعبد الله: هل لك حاجة؟ قال عبد الله: نعم، تخبر المرأة بسوء صَنيعك معنا، فضحك الأعرابي ثم انصرف، [وفي رواية: تخبر المرأة ما لقينا منك.

وحدثنا غير واحد، عن أبي الفضل محمد بن ناصر بإسناده، عن] إسحاق بن عبد الله بن جعفر قال: جاءت امرأة إلى عبد الله فقالت: يا سيدي،، وهبتْ في بعضُ جاراتي بيضة، فحضنتُها تحت دجاجة، فخرجت فرّوجة، فغذوتها بأطيب الطعام، وذبحتُها وشويتُها، وجعلتُ لله عليَّ أن أدفِنها في أكرم بُقعة في الدنيا، ووالله ما أرى بُقعةً أكرم من بطنك، فقال: يا بُدَيح، خذها منها، وامض إلى الدار التي هي فيها، فإن كانت لها فاشتر ما حولها من الدّور، كان لم تكن لها فاشترها لها وما حولها، واحمل إليها ثلاثين بعيرًا عليها حنطةً وشعيرًا وأرزًّا وزبيبًا وثيابًا ودراهم ودنانير، فقالت العجوز: يا سيدي، لا تُسرف إن الله لا يحب المسرفين (١).

وقال إسحاق بن عبد الله بن جعفر [وقد رواه أيضًا ابن ناصر قال:]: خرج أبي في سفر، فمر بحديقة، فنزل إلى جانبها، وإذا بعبد أسود بين يديه رغيفان، فجاء كلب


(١) "المنتظم" ٦/ ٢١٤ - ٢١٥، وما بين معكوفين من (ص).