للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطاب، والناس اليوم يا ثعلبةُ كما علمت، إني رأيتُ سيرةَ السُّلطان تدور مع الناس، إن ذهب اليوم رجل يسير بتلك السيرة أُغير على الناس في بيوتهم، وقطعت السّبُل وتظالم الناس، وكانت الفتن، فلا بدَّ للوالي أن يسير في كل زمان بما يُصلحه (١).

قال الواقدي (٢): قال عبد الملك: يا أهل المدينة، إن أحق الناس أن يلزم الأمرَ الأوّل لأنتم، وقد سالت علينا أحاديث من قبل المشرق، لا نعرفها ولا نعرف منها إلا قراءة القرآن، فالزموا ما في مُصحفكم الذي جمعكم عليه الإمام المظلوم .

وحفظ عبد الملك عن عثمان، وسمع من أبي هريرة، وأبي سعيد الخُدري، وجابر ابن عبد الله، وغيرهم من أصحاب رسول الله .

وكان عابدًا ناسكًا قبل الخلافة، وقال نافع: لقد رأيت عبد الملك وما بالمدينة شابّ أشدَّ تشميرًا ولا أطلبَ للعلم منه.

وقال ابن جُرَيج: سمعت ابنَ شِهاب يُسأل عن ربط الأسنان بالذَّهب، فقال: لا بأس به، ربط عبد الملك أسنانَه بالذهب.

وقال رجل من هَمْدان: كنا مع مسلم بن عقبة لما قدم المدينة، فدخلْنا حائطًا بذي المرْوَة، فإذا بشابٍّ حسنِ الوجه والهَيئة يصلّي، فطفنا في الحائط ساعة وفرغ من صلاته، فقال لي: يا عبد الله، أمن هذا الجيش أنت؟ قلت: نعم، قال: أتؤمُّون (٣) ابنَ الزُّبير؟ قلت: نعم، فقال: ما أحبُّ أن لي ما على وجه الأرض كلّه وأني سرتُ إليه، وما على ظهر الأرض اليوم أحدٌ خير منه، قال: فإذا هو عبد الملك بن مروان، فابتُلي به حتى قتله في المسجد الحرام.

وقال عبد الملك: ما غضبي على من لا أملك ويدي لا تنالُه، وما غضبي على مَن أملك ويدي تناله (٤).


(١) "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٢٩، بنحوه، وما بين معكوفين منه.
(٢) بإسناده إلى ابن كعب كما في "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٣٠.
(٣) في النسخ: أتموت؟! والمثبت من "طبقات ابن سعد" ٧/ ٢٢٣.
(٤) "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٢٥.