للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وروى ابن سعد عن صالح بن] إبراهيم بن عبد الرَّحْمَن بن عوف قال: دخل علينا أنس يوم جمعة ونحن نتحدّث والإمام يخطب، فقال: مَهْ، فلما أُقيمت الصلاة قال: إنِّي أخاف أن أكون قد أبطلتُ جُمعتي بقولي لكم مَهْ.

[وقال ابن سعد:] قال أنس: يقولون: لا يجتمع حبُّ عليّ وعثمان في قلب رجل مؤمن، كذبوا والله، لقد جمع الله حُبَّهما في قلوبنا [أو في قلبي].

ولما قدم الحجاج العراق أرسل إلى أنس فقال: يَا أَبا حَمْزة، إنك قد صحبتَ رسول الله ﷺ، ورأيتَ من عمله وسيرته ومنهاجه، فهذا خاتمي فليكن في يدك فأرى برأيك، فلا أعمل شيئًا إلَّا بأمرك، فقال له أنس: أنا شيخ كبير قد ضَعُفتُ ورَقَقْتُ، وليس فيّ اليوم ذاك، فقال: قد عملتَ لفلان وفلان فما بالي أنا؟ فانظر أحد بنيك (١) ممن تثق بدينه وأمانته وعقله، فقال: ما في بَنيّ مَن أثق لك به، حتَّى كثر الكلام بينهما.

وروى ابن سعد عن ثابت قال: (٢) كنا مع أنس يوم جمعة، فأخّر الحجاج الصلاة، فقام أنس ليُكَلِّمه في ذلك، فنهاه إخوانه وقالوا: نخاف عليك وعلى ولدك وأهلك، فخرج وركب دابته وانطلق نحو الزاوية وهو يقول: والله ما أعرف شيئًا مما كنا فيه على عهد رسول الله ﷺ إلَّا شهادة أن لا إله إلَّا الله، فقال له رجل: فالصلاة يَا أَبا حمزة؟ فقال: قد صليتُم الظهر عند المغرب، أفتلك كانت صلاة رسول الله ﷺ (٣)؟!

ذكر قصة أنس بن مالك مع الحجاج (٤):

قال ابن سعد بإسناده إلى عليّ بن زيد بن جُدعان قال: كنت في دار الإمارة والحجاج يَعرض الناس أيام ابن الأشعث، فدخل أنس بن مالك، فلما دنا من الحجاج قال الحجاج: يَا خُبَثَة، جَوّال في الفِتن، مرّة مع علي بن أبي طالب، ومرة مع ابن


(١) في النسخ غير (ص) فليس فيها الخبر: فانظر كان في بيتك، والمثبت من"طبقات ابن سعد" ٥/ ٣٣٩.
(٢) في النسخ: وقال ثابت، والمثبت من (ص).
(٣) انظر"طبقات ابن سعد" ٥/ ٣٢٥ - ٣٤٠ و ٩/ ٢٠. ووقع بعد هذا الخبر في (أ): تم المجلد الثامن بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، ويتلوه في المجلد التاسع قصة أنس مع الحجاج. وغفر الله تعالى لمالكه وكاتبه وجميع المسلمين والحمد لله رب العالمين.
(٤) القصة التالية سياقها في النسخ (خ د) مختلف عما في (ص)، غير أنها في (ص) أتم وأوضح، فالمثبت منها.