للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: والذي بعث محمدًا بالحق ما افتتحتموها إلَّا غدرًا، وإنكم يَا أهل خراسان الذين تَسلُبون بني أمية مُلكَهم، وتنقضون دمشق حَجَرًا حجرًا.

ودعا قتيبة نَهارَ بنَ تَوْسِعة فقال: يَا نهار، أين قولُك: [من الطَّويل]

ألا ذهب الغَزْوُ المُقرِّبُ للغِنى … ومات النّدى والجُودُ بعد المُهَلَّبِ

أقاما بمَرْوالرُّوْذِ رَهْنَ ضَريحِه … فقد غُيِّبا من كلِّ شَرْقٍ ومَغْرِبِ

فغَزْوٌ هذا يَا نهار؟ قال: نعم، هذا أحسن، وأنا الذي أقول: [من الطَّويل]

وما كان مُذْ كنا ولا كان قبلنا … ولا هو فيما بعدنا كابن مُسْلمِ

أعَمّ لأهل التُّرك قَتْلًا بسَيفه … وأكثَرَ فينا مَقْسِمًا بعد مَقْسِمِ

وارتحل قتيبة راجعًا إلى مَرْوالرُّوذ، واستخلف على سَمَرْقَند أخاه عبد الله بن مسلم في جند كَثيف، وأوصاه فقال: لا تَدَعَنّ كافرًا يدخل البلد إلا مَختومَ اليَدِ، فإن جَفَّت الطِّينةُ قبل أن يخرج فاقتله، ومن وجدتَ معه حديدةً فاقتله، ومن بات بها منهم فاقتله.

وقيل: إنه فتح خُوارزم أَيضًا في هذه السنة، ثم عاد إلى مرو.

[فصل]: وفيها غزا مسلمة بن عبد الملك بلادَ الرُّوم، ففتح حصنَ الحَديد، وقلعة غَزالة، وغزا أيضًا العباسُ بنُ الوليد، ففتح سمسطة (١) وطُوس، والمرزبان، وكاشه، وغزا مروانُ بنُ الوليد فبلغ خَنْجرة.

وفيها أجدبت إفريقية، فاستسقى موسى بن نصير، ودعا وسأل الله، فقيل له قبل أن ينزل من المنبر: ألا تدعو لأمير المُؤْمنين؟ فقال: ليس هذا يوم ذاك، فجاء الغيث سَحًّا، وسُقُوا سَقْيًا كفتهم زمانًا.

قال الواقديّ: وفيها غضب موسى بن نُصير على طارق بن زياد، وشخص إليه في رجب ومعه حَبيب بن عقبة بن نافع الفِهْرِي، واستخلف على إفريقية ابنَه عبد الله بن موسى، وقطع موسى الزقاق في عشرة آلاف، فتلقاه طارق واعتذر إليه، فقبل عذره ورضي عنه، وبعثه من قُرطبة إلى طُلَيطُلَة -وبينها وبين قرطبة عشرون يومًا- ففتحها، واستخرج منها مائدة سليمان ، وقد ذكرناه.


(١) في الطبري ٦/ ٤٦٩: سمسطية.