للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال الهيثم بن عَديّ:] قيل لطاوس اليماني: مات الحجاج، فقال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (٤٥)[الأنعام: ٤٥].

ولما بلغ الحسنَ البصريَّ موتُه سجد وقال: اللهم ادْحَض سنَّته وآثارَه كما أرحتَنا منه.

وقال حمّاد بن أبي سليمان: بَشَّرت إبراهيم النَّخَعي بموته فبكى وقال: ما كنتُ أرى أن أحدًا يبكي من الفرح.

وقال الشعبي: ما رأينا مثل الحجاج، كان إنسانًا في زيِّ شيطان، وكلامه كلام الخوارج، وصولته صولة الجبّارين، وكان يخضب أطرافَه، ويُرَجِّل شعرَه.

وقال مَيمون بن مهران: كان نصلِّي خلفه وكان من الأزارقة، قيل: وما الأزارقة؟! قال أصحاب نافع بن الأزرق (١)، وهو الذي إن خالفتَ رأيَه سمَّاك كافرًا واستحلَّ دمَك، وكان مُنافقًا يقتل من الخوارج مَن خالف الأزارقة.

وروى رجاء بن حَيْوة، عن عمر بن عبد العزيز أنه قال (٢): لو جاءت الفرس بأكاسِرتها، والروم بقياصرتها، واليمن بتبابِعتها، والعمالقة بفراعنتها، وجميع الأمم بجبابرتها وخبثائها، وجئنا بالحجاج لغلبناهم.

وكان عمر يسأل الله أن يُميتَه على فراشه ليكون أطولَ لعذابه.

وقال ابن سيرين: كنتُ عند الحسن وجاءه رجل فقال: ما تقول فيمن حلَف بالطلاق على امرأته أن الحجاج في النار؟ فقال له الحسن: أنت الحالف؟ قال: نعم، قال: إن لم يكن الحجاج في النار فما تبالي إذا زانيت امرأتَك. ومعناه: إننا على باطل.

[قال هشام:] بلغ الحسن أن ثابتًا البناني يقول: إني لأرجو له، فقال الحسن: إني لأرجو أن يُخلف الله ظنَّه.

[وحكى ابن عساكر، عن ميمون بن مِهْران قال:] كان أنس وابن سيرين والحسن جماعة لا يبيعون ولا يشترون بالدراهم التي ضربها الحجاج.


(١) هنا تعود نسخة (ب) بعد انقطاع وخرم طويل سلفت الإشارة إليه.
(٢) في (خ) و (د): وقال عمر بن عبد العزيز، والمثبت من (ص).