للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال رجاء: وبلغ عبدَ العزيز بن الوليد -وكان غائبًا- موتُ سليمان، ولم يعلم بمبايعة الناس عمر، وعهد سليمان إليه، فبايع مَن معه لنفسه، ثم أقبل يريد دمشق يأخذها، فبلغه بيعة عمر، فأقبل حتى دخل على عمر، فقال له: قد بلغني أنك كنتَ بايعتَ مَن قِبَلك، وأردتَ دخولَ دمشق، فقال: قد كان ذلك، ولم أعلم بمبايعتك، ولا أن الخليفة عَقَد لأحد، وخفتُ على الأموال أن تُنهب، فقال له: والله لو بويعتَ وقمتَ بالأمر ما نازعتُك، فقال عبد العزيز: ما أحب أنه ولي هذا الأمر غيرك، وبايع عمر ﵁.

وقال ابن سعد: قال رجاء بن حَيوة: لما ثَقُل سليمان بن عبد الملك رآني عمر بن عبد العزيز أخرج وأدخل وأتردد، فدعاني فقال: يا رجاء، أُذكّرك اللهَ والإسلام أن تَذكُرني لأمير المؤمنين، أو تُشيرَ بي عليه إن استشارك، فوالله ما أقوى على هذا الأمر، فأَنشُدك الله إلا صرفتَه عني.

قال: فانتَهَرْتُه وقلت: إنك لحَريصٌ على الخلافة، أتطمَعُ أن أُشير عليه بك، قال: فاستحيى.

ودخلتُ على سليمان فقال: يا رجاء، مَن ترى لهذا الأمر، وإلى مَن تَرى أعهد؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، إنك قادم على الله، وإنه سائلك عن هذا الأمر وما صنعتَ فيه، قال: فمن ترى؟ قلت: عمر بن عبد العزيز، قال: فكيف أصنع بعهد عبد الملك إليّ وإلى الوليد في ابنَي عاتكة أيهما بقي؟ قلت: تجعله بعده، قال: أصبتَ ووُفِّقتَ، جئني بصحيفة، فأتيتُه بها، فكتب عهد عمر ويزيد من بعده.

ثم دعوتُ رجالًا فدخلوا عليه، فقال لهم: إني قد عهدتُ عَهدي في هذه الصحيفة، ودفعتُها إلى رجاء، وأمرتُه بأمري، فاشْهَدوا. فشهِدوا، فلم يلبث سليمان أن مات، فقال هشام: إن كان فيها رجل من أولاد عبد الملك وإلا فلا، فقال رجاء: نعم فيها رجل من ولد عبد الملك.

وقال ابن سعد: لما قرئ عهد سليمان بدابق وعمر ناحية؛ قام رجل من ثَقيف يقال له سالم من أخوال عمر، فأخذ بضَبْعَيه فأقامه، فقال عمر: والله ما اللهَ أردتَ بهذا، ولن تُصيب بها مني دنيا (١).


(١) "طبقات ابن سعد" ٧/ ٣٣٢ - ٣٣٣.