للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأوين (١) لابن أخيك من مثل هذا؟ فقامت، فخرجت على قَرابته، فقالت: تزوّجون آلَ عُمر، فإذا نزعوا إلى الشِّبْه جزعتُم! اصبروا له (٢).

وقيل له: غَيِّرتَ كلَّ شيء حتَّى مِشْيتَك! فقال: واللهِ ما كانت إلا جنونًا. وكان إذا مشى خطر بيديه (٣).

وقال ربيعة الشَّعْوَذِيّ (٤): ركبتُ في البريد إلى عمر، فانقطع بي البريدُ في أرض الشام، فركبتُ على دوابِّ السُّخْرة (٥) حتَّى أتيتُه، فقال؛ ما فعلى جناحُ المسلمين؟ قلت: وما جناح المسلمين؟ قال: البريد. قلت: انقطع في أرض كذا وكذا. قال: فعلى أيِّ شيء جئتَنا؟ قلت: على دوابّ السُّخْرة. قال: أتُسَخِّر في سلطاني؟! فأمرَ به، فضُرب أربعين سَوْطًا (٦).

وقال فراتُ بن مسلم: اشتهى عمر تفاحًا، فبعث إلى بيته، فلم يجدن (٧) شيئًا يشترون به، فركب وركبنا معه، فمرَّ بدَيرٍ، فتلقَّاه غلمانُ الدَّير معهم طبقٌ فيه تفاح [أو أطباق] فتناول تفاحةً فشمَّها، ثم أعادها إلى الطبق، ثم قال: ادخُلوا دَيرَكم، لا أعلمُ أنكم بعثتُم إلى أحد من أصحابي بشيء إلا عاقبتُكم. فقلت له: يا أمير المؤمنين، اشتهيتَ التفاح، فلما أُهدِيَ إليك ردَدْتَه، وقد كان رسولُ الله وأبو بكر وعُمر يقبلون الهديَّة! فقال: لا حاجةَ لي فيه، إن أولئك كانت لهم الهدايا، وهي للعمال بعدَهم رِشْوة (٨).


(١) أي: تَرِقّين وترحمين.
(٢) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٦٤، وتاريخ دمشق ص ٥٤٢ (طبعة مجمع دمشق- تراجم النساء).
(٣) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٦٤. ولم يرد هذا الخبر في (ص).
(٤) في "اللسان" (شعذ): الشَّعوذَة: السرعة، وقيل: هي الخِفَّة في كل أمر. والشَّعْوَذِيّ: رسول الأمراء في مهماتهم على البريد، وهو مشتق منه لسرعته. وقال الليث: الشعوذة والشعوذي مستعمل، وليس من كلام البادية.
(٥) السُّخْرَة: ما سَخَّرْتَه من دابَّة أو رَجُلٍ بلا أجرٍ ولا ثمن.
(٦) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٦٥.
(٧) في (ب) و (خ) و (د): يجدون، والمثبت من (ص). وفي "طبقات" ابن سعد ٧/ ٣٦٧: يجد، ونُسب الخبر في (ص) إليه.
(٨) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٦٧.