للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال فرات بنُ مسلم: كُنْتُ أعرض على عمر بن عبد العزيز كتبي في كل جمعة، فعرضتُها عليه، فأخذ منها قرطاسًا قدر شبر، أو أربع أصابع كتب فيه حاجة له، فقلت: غفل أميرُ المؤمنين. فلما كان من الغد بعث إليَّ أن ائتِ بكتبك. فأتيتُه بها، فبعثني في حاجة، فلما جئت قال: خُذْ كتبَك. فأخذتُها، فلما فتحتُها وجدتُ فيها قرطاسًا قدر القرطاس الَّذي أخذ من كتبي (١).

وقال وُهيب بنُ الورد: اتَّخذَ عمر بن عبد العزيز دارًا لطعام الفقراء والمساكين وابن السبيل وقال لأهله: إياكم أن تصيبوا من هذه الدار شيئًا. فجاءت يومًا مولاةٌ له ومعها صَحْفة فيها غَرْفة من لبن، فقال لها عمر : ما هذه معك؟ قالت: زوجتُك فلانة حامل وتَشَهَّت غَرْفَةً من لبن، والحاملُ إذا تَشَهَّتْ شيئًا ولم تُؤتَ به تُخوِّف على ما في بطنها أن يسقط. فقال: إذا لم يمسك ما في بطنها إلا طعام الفقراء والمساكين فلا أمسكه الله، رُدِّيه. فقالت زوجته: رُدِّيه، فواللهِ لا أذوقُه أبدًا (٢).

وكتب [عمر] إلى عديّ بن أرطاة: أما بعد، فانظر إلى أهل الذِّمَّة، فارْفُقْ بهم، وإذا كَبِرَ أحدهم وليس له مال؛ فأنفِقْ عليه، فإنْ كان له حميمٌ فمُره بالإنفاق عليه وقاصِّه من خَرَاجِه (٣) كما لو كان لك عبد فكَبِرَتْ سنُّه لم يكن لك بدٌّ أن تنفقَ عليه حتَّى يموت أو يَعتِق. وقد بلغني أنك تأخذُ من الخمر العشور، فتلقيه في بيت المال [أو: بيت مال الله] فإياك أن تُدخلَ بيتَ مالِ الله إلا طيِّبًا. والسلام (٤).

وكان يكتب إلى عماله أن لا تلبس أمةٌ خِمارًا، ولا يتشبَّهن بالحرائر (٥).

وقال له رجل: أبقاك الله. فقال: هذا أمرٌ قد فُرغ منه، ادْعُ لي بالصَّلاح.

وبعث ببغلته إلى الرَّعْي، ما قَدَرَ على علفها، ثم باعها بعد (٦).


(١) المصدر السابق ٧/ ٣٦٧ - ٣٦٨.
(٢) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٦٨ - ٣٦٩، ونسب الخبر في (ص) إليه.
(٣) جاء في "القاموس": تقاصَّ القوم: قاصَّ كل واحد منهم صاحبه في حساب وغيره. ووقع في "طبقات" ابن سعد: جراحه، بدل: خراجه. وهو خطأ.
(٤) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٧٠. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٥) المصدر السابق ٧/ ٣٧١.
(٦) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٧٢. ولم ترد هذه الفقرة في (ص).