للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكُرُّ عليهم اليحمومَ كَرًّا … ككَرِّ الشَّرْبِ (١) آنيةَ المُدامِ

أكُرُّ به لَدَى الغَمَراتِ حتَّى … تَجَلَّتْ لا يضيقُ بها مَقامي

فلولا اللهُ ليس له شريك … وضَرْبي قَوْنَسَ (٢) الملكِ الهُمامِ

إذَا لَسَعَتْ نساءُ بني دِثارٍ … أمامَ التُّرْكِ باديةَ الخِدامِ

فمَنْ مثلُ المسيّب في تميمٍ … أبي بِشْرٍ كقادمةِ الحِمامِ (٣)

وقال [جرير يذكُر المسيّب] (٤):

لولا حِمايةُ يَرْبوعٍ نساءَكُمُ … كانت لغيركُمُ منهنَّ أطهارُ

حَامَى المسيَّبُ والخَيلانِ في رَهَجٍ … إذ كان شعبة لا يحمي وزَرَّارُ (٥)

وفيها قطع سعيد خُذينة النهرَ (٦)، وغزا السُّغْد (٧)، وكانوا قد نقضوا العهد، وأعانوا الترك على المسلمين، فقال النَّاس لسعيد: تركتَ الغزو وقد أغار الترك وأعانهم [أهل] السُّغْد. فعبر النهر، ولقيَه الترك والسُّغْد، فهزمهم المسلمون، فقال سعيد: لا تتبعوهم، فإن السُّغْد بستانُ أمير المُؤْمنين، وقد هزمتُموهم، أفتُريدُون بَوَارَهم، يَا أهل العراق قد قاتلتُم الخلفاء غير مرة فهل أبارُوكم؟!

وكره النَّاس سعيد خُذَينة لأنه كان مُولعًا باللهو، ليس له في الغزو حظّ.

وقطع النهر مرتين، ولم يُمعن في قتال العدوّ، وكان إذا دخلت سريةٌ بلادَ العدوّ فسَبَوْا وغنموا، رَدّ السَّبْيَ، وعاقبَ السَّريَّة. فقال الهَجَريّ الشاعر:


(١) اليحموم: الشديد الحرارة، والشَّرْب: القوم يشربون ويجتمعون على الشراب.
(٢) القَوْنَس: مقدَّم الرأس، أو أعلى بيضة الحديد.
(٣) تاريخ الطبري ٦/ ٦١١، والكامل ٥/ ٩٤.
(٤) ما بين حاصرتين من "تاريخ" الطبري ٦/ ٦١١. ومن دونه يعود الكلام على ثابت قطنة قبله، وهو خطأ.
(٥) كذا في (خ) (والكلام منها). ولفظ عجز البيت في "تاريخ الطبري" ٦/ ٦١١: إذْ مازنٌ ثَمَّ لا يُحْمَى لها جارُ. ولفظُه في "ديوان" جرير ١/ ٣٦٢: أزمانَ شبَّةُ لا يحمي ونَعَّارُ. وشَبَّةُ هو ابنُ عِقال بن شَبَّة بن عِقال. والنَعَّار هنا: المنهزم. قاله محمَّد بن حبيب شارح الديوان. وقوله: زرَّار جاء في بيت ثالث في "تاريخ" الطبري، وعجزه: ولا زُرارة يحميها وزَرَّارُ. قال شارح "الديوان" ١/ ٣٦٢: أراد بزرَّار كل من كان بسبب زُرارة. اهـ. ووقعت الأبيات في "ديوان" جرير ضمن قصيدة في هجاء الفرزدق.
(٦) يعني نهر بَلْخ، ينظر "تاريخ" الطبري ٦/ ٦١٢.
(٧) ويقال: الصُّغْد، وهي قرًى متصلة بين سمرقند وبُخارى، وسلف خبرها قريبًا.