للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكلهما؟! قال: أُخَمِّرُهُ، فإذا اشتهيتُه أكلتُه. قال: فوُعِك سالم، فلم يزل موعوكًا حتَّى قدم المدينة.

قال الجوهري: الكِدْنة: الشحم واللحم (١).

وقال ابن سعد بإسناده عن أبي فَرْوة قال: مات سالم بن عبد الله سنة ستّ ومئة في آخر ذي الحجة، وهشام بن عبد الملك يومئذ بالمدينة، وكان قد حجَّ بالناس تلك السنة، ثم قدم المدينة، فوافق موت سالم، فصلَّى عليه] (٢).

قال سفيان بن عيينة: حجَّ سالم في السنة التي حجَّ فيها هشام بنُ عبد الملك، فدخل هشام الكعبة وسالمٌ فيها، فقال له: يا سالم، سَلْني حاجة. فقال: إني لأستحي من الله أن أسألَ غيرَه في بيته.

وخرج سالم، فخرج هشام على إثره وقال له: قد خرجت، فسَلْني. فقال سالم: من حوائج الدنيا، أم من حوائج الآخرة؟ قال: بل من حوائج الدنيا. فقال سالم: ما سألتُها مَنْ يملكُها، فكيف أسألُها من لا يملكها (٣)؟!

فلما قدم هشام إلى المدينة وقد وُعك سالم، دخل عليه يعودُه فقال: يا أبا عمر، ألك حاجة؟ قال: نعم، اتَّقِ اللهَ في أمة محمد ﷺ. قال: أوصِني بأهلك. قال: هم في سَعَةٍ من فضل الله.

ومات في آخر ذي الحجة وهشامٌ يومئذ بالمدينة، فصلَّى عليه، ورأى هشام كثرةَ الناسِ بالبقيع، فقال لإبراهيم بن هشام المخزوميّ: اضْرِبْ على الناس بعثَ أربعة آلاف. فسُمِّيَ عامَ أربعة آلاف، فكانوا يخرجون إلى الصوائف، فيكونون بالسواحل حتَّى يأتيَ غيرُهم (٤).

ولما رجع من جنازته دخل المسجد فإذا بالقاسم بن محمد بين القبر والمنبر، وكان قد ذهب بصرُه، فوقف عليه هشام وسلَّم، فقام القاسم إليه، فقال [هشام]: كيف أنتَ


(١) بعدها في (ص) (والكلام منها): وكان سالم يقوم الليل. وقد سلفت الفقرة من النسخة (خ).
(٢) الكلام السالف بين حاصرتين من (ص)، ثم لم يرد فيها الكلام الآتي حتَّى نهاية الترجمة.
(٣) تاريخ دمشق ٧/ ٣٢ (مصورة دار البشير)، وصفة الصفوة ٧/ ٩١، والمنتظم ٧/ ١١٤ - ١١٥.
(٤) طبقات ابن سعد ٧/ ١٩٩، وتاريخ دمشق ٧/ ٣٤. وينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٤.