للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال هشام:] وكان يلبس مطارف الخَزّ ويتختَّمُ في يساره ويَخضِبُ بالحِنَّاء، ويركبُ الحمار، ويُبغض أصحابَ الأكسية ويقول: واللهِ لأحدُهم أشدُّ تعجُّبًا بكسائه من صاحب المِطْرف بمِطْرَفِه (١)، إنَّ أكثر أهل النار أصحابُ الأكسية (٢).

[ذكر خوف الحسن وبكائه]

وقال إبراهيم (٣) بن عيسى اليشكري: ما رأيتُ أطولَ حُزْنًا من الحسن، وما رأيتُه قطُّ إلا حسبتُه حديث عهدٍ بمصيبة.

[وقال سليمان بن المغيرة:] وكان الحسن يقول: نضحكُ! ولعلَّ الله قد اطَّلع على بعض أعمالنا فقال: لا أقبلُ منكم شيئًا (٤).

[وقال مسمع: لو رأيتَ الحسن لقلتَ: قد بُثَّ عليه حزنُ الخلائق؛ من طول تلك الدمعة، وكثرة ذلك النشيج (٥).

وحكى ابنُ سعد عن يزيد بن حَوْشَب قال: ما رأيتُ أخوفَ من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأنَّ النار لم تُخلق إلا لهما (٦).

وقال حفص بن عمر:] وبكى الحسن، فقيل له: ما يُبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني في النار غدًا ولا يبالي (٧).

و [قال يوسف بن أسباط:] مكث ثلاثين سنة لم يضحك، وأقام أربعين سنة لم يمزح، وكان يقول: لقد أدركتُ أقوامًا ما أنا عندهم إلا لصّ (٨).


(١) المِطْرف: رداء -أو ثوب- من خَزّ مربّع ذو أعلام (رسوم).
(٢) يعني الذين يلبسون الصوف ويُظهرون التواضع. وبعض الخبر بنحوه في "طبقات" ابن سعد ٩/ ١٦٩. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٣) في (ص): روى أبو نُعيم بإسناده إلى إبراهيم … والخبر في "حلية الأولياء" ٢/ ١٣٣. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٤) ينظر المصدر السابق ٢/ ١٣٤.
(٥) في (ص) (والكلام منها): التسبيح. والمثبت من "صفوة الصفوة" ٣/ ٢٣٣.
(٦) طبقات ابن سعد ٧/ ٣٨٦ (ترجمة عمر بن عبد العزيز).
(٧) صفة الصفوة ٣/ ٢٣٣.
(٨) حلية الأولياء ٨/ ٢٤٠، وشُعب الإيمان ٤/ ٢٦٥، وصفة الصفوة ٣/ ٢٣٤.