للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومرَّ الحسن ببعض القرَّاء على بعض بواب الملوك، فقال: فرطحتُم بنعالكم (١)، وجئتم بالعلم تحملونه على رقابكم إلى أبوابهم، فزَهِدُوا فيكم، أما إنكم لو جلستُم في بيوتكم حتى يكونوا هم الذين يُرسلون إليكم لكان أعظمَ لكم في أعينهم، تفرَّقُوا فرَّقَ الله بين أعضائكم (٢).

[وقال مبارك بن فَضَالة: سمعت الحسن يقول] وقال له شابّ: أعياني قيامُ الليل، فقال [له]: قيَّدَتْك خطاياك (٣).

وقيل للحسن: ألا تدخل على الأمراء فتأمرَهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر؟

قال: ليس للمؤمن أن يُذلَّ نفسه، إنَّ سيوفَهم لَتسبقُ ألسنتَنا (٤).

و [روى هشام بن محمد عن أبيه قال:] جلس الحسن في المسجد الجامع، فطلع الحجَّاج على برْذَوْن أشهب والشُّرَط حولَه، فجاء إلى باب الجامع، فنزلَ، وجاء إلى حلقة الحسن، فسلَّم وجلس إلى جانبه والحسن يتحدَّثُ، فلما فرغ من حديثه أقبل الحجّاج على أهل الحلقة، فقال: إنَّ هذا لم مبارك، معظِّم لأهل القبلة، ناصحٌ للملَّة (٥)، صاحبُ سُنَّة ونصيحة للعامَّة والخاصَّة، فعليكم بمجالسته (٦)، فإنه يُعرفُ فضلُه، وتُرجى عاقبتُه (٧)، ولولا ما لزمَنا من حقوق الرعتة لأحببتُ الحضورَ معكم. ثم قام وانصرف.

فقام شيخ كبير، فقال: يا أبا سعيد، عطائي زهيد، وأنا فقير، ولي عِيال. وبكى، فبكى الحسنُ وقال: إن عدوَّ الله قتلَ عباد الله على الدِّرهم والدِّينار، أخذه من خبيث،


(١) أي: وسَّعتُم وبسطتُم، وفي "صفة الصفوة" ٣/ ٢٣٦: نعالكم.
(٢) صفة الصفوة ٣/ ٢٣٦. ولم يرد الخبر في (ص).
(٣) المصدر السابق ٣/ ٢٣٥.
(٤) طبقات ابن سعد ٩/ ١٧٦.
(٥) في (خ): الملة. والمثبت من (ب) و (ص).
(٦) في (ص): بمجالسه.
(٧) في (خ): عافيته. والمثبت من (ب) و (ص).