للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خصمه، أو يصيبه (١) داء فيهلك. فقال: قم حتى ننظر. فقمتُ، وفكَّر، فرأى الصُّلْحَ خيرًا.

فدعاني وأجابَ إلى الصُّلح، وأحسنَ جائزتي، وبعث معي أمَّه، وكانت صاحبةَ أمرِه.

[قال:] وقدمتُ على نصر، فلما رآني؛ سُرَّ بالصُّلح وقال: أنت كما قال [الأول]: فأرسِلْ (٢) حكيمًا ولا تُوصِهِ.

وأخبرتُه، فدعا لي (٣)، وأذنَ لأمِّه، فدخَلَتْ عليه، فأكرمَها، وبين يديها ترجمان يعبِّر عنها، فكان في (٤) جملة ما قالت: كلُّ مَلِكَ لا يكون عنده ستةُ أشياء فليس بمَلِك: وزيرٌ عاقلٌ يُشاورُه في أمره ويثقُ به، وطبَّاخٌ إذا لم يشتهِ الطعام (٥) اتَّخَذَ له ما يشتهي، وزوجةٌ إذا دخلَ عليها مغتمًّا، فنظر إلى وجهها ذهبَ غمُّه، وحصنٌ إذا فزع إليه نجَّاه -وقيل: إنها أرادت بالحصن الفرس السابق (٦) - وسيفٌ إذا قارعَ الأقران لم يخشَ خيانتَه، وذخيرةٌ إذا حملَها فأينما كان (٧) من الأرض عاش بها.

ودخل تميم بن نصر بن سيار فقالت: مَنْ هذا؟ قال: تميم بن نصر. فقالت: ما له نُبلُ الكبار، ولا حلاوة الصِّغار.

ثم دخل الحجَّاج بن قتيبة بن مسلم، فقالت: مَنْ هذا؟ قال: الحجَّاج بن قتيبة. [قال:] فحيَّتْه وسألت عنه وقالت: يا معشر (٨) العرب، ما لكم وفاء، ولا يصلح بعضُكم لبعض، قُتيبةُ هو الذي وطَّأَ لكم البلاد، وذلَّل ما أرى، وهذا ولدُه تُقعده دون مجلسك، فحقُّك يا نصر أنْ تُقعده مكانَك، وتجلسَ دونه.


(١) في (ب) و (خ) و (د): يصفه، والمثبت من (ص)، وهو موافق لما في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٧٧.
(٢) في (ب) و (خ) و (د): أوسل. والمثبت من (ص). وهذا عجز بيت صدرُه: إذا كنتَ في حاجةٍ مُرسِلًا، وجاء في شعر طَرَفَة بن العبد وغيره. ينظر "ديوانه" ص ٦٤.
(٣) في (ص): فدعاني. وهو تحريف.
(٤) في (ص): من.
(٥) في (ص): إذا اتشته نفسُه الطعام.
(٦) في "تاريخ" الطبري ٧/ ١٧٨: تعني البرذون، بدل قوله: وقيل إنها أرادت … وجاء هذا القول في (ص) آخر الخبر.
(٧) في (ص): فأين كان.
(٨) في (ص): معاشر.