للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر نساء هشام [بن عبد الملك:

ذكر المدائنيّ أنَّه] كان عنده فاطمة بنت القاسم بن محمَّد بن جعفر بن أبي طالب، وهي فاطمة الكبرى (١)، وأمُّها زينب الكبرى بنتُ عليّ بن أبي طالب .

قال لها هشام يومًا: أنتِ بغلةٌ لا تلدين، فقالت: ليس كما ظننتَ، ولكن يأبَى كرمي أن يُدَنِّسَه لُؤمُك.

[وقال الزُّبير بن بكَّار:] وكان عنده عَبْدَة بنت عبد الله الأسوار (٢) بن يزيد بن معاوية [بن أبي سفيان]، وأمُّها أمُّ موسى بنت عَمرو بن سعيد بن العاص، وَلَدَتْ من هشام.

[وعَبْدَةُ هذه المذبوحة لمَّا ظهر عبد الله بنُ عليّ بن عبد الله بن العباس على الشَّام] وكانت من أجمل النساء، نظر إليها يومًا [هشام] وعليها ثيابٌ سُودٌ رِقاق [مثل ثياب الرُّهبان يوم عيدهم] فملأته سرورًا، ثم فكّر، ففطنت، فقالت [له]: أكرهتَ هذه الثياب؟ قال: لا، ولكن رأيتُ هذه الشامة بكَشْحِك (٣)، وبها تُذبحُ النساء، أما إنهم سيُنزلونك عن بغلة شهباءَ وردة، ثم يذبحونكِ ذَبْحًا.

فلما ظهر عبد الله بنُ علي أَخَذَ منها جواهر لا يعلم قيمتَها إلَّا الله تعالى، ثم أطلقها، فخرجت في الليل على بغلة، فقالت: ما لونُها؟ قالوا: دهماء. فقالت: نَجَوْتُ. فقيل لعبد الله [بن عليّ]: إن أفلتَتْ أخبرَتْ أَبا جعفر (٤) بما أخذتَ منها فيأخذَه منك، اقْتُلْها. فبعثَ في آثارها وقد أضاء الصبح، فنظرَتْ، فإذا بالبغلة شهباء وردة.

ولحقها (٥) الرسول، فقال لها: قد أُمرنا بقتلك. فقالت: هذا أهونُ [عليَّ]. ثم نزلَتْ، فشَدَّتْ دِرْعَها بحيث لم يُرَ منها ومن جسدها شيء. فذَبَحها (٦).


(١) أخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧/ ٦٥٣ - ٦٥٤ عن المدائنيّ أن فاطمة هذه كانت عند سليمان بن هشام بن عبد الملك. ثم أورد لها الخبر المذكور ولعل المصنف وهم فيه.
(٢) المثبت من (ص). وفي (ب) و (خ) و (د): بن الأسوار، وهو خطأ.
(٣) الكشح: ما بين الخاصرة إلى الضِّلَع الخلف.
(٤) في (ب) و (خ) و (د): أَبا العباس. والمثبت من (ص) وهو الصواب.
(٥) في (خ): فردَّها. والمثبت من (ب) و (د) و (ص).
(٦) تاريخ دمشق ص ٢٢٤ - ٢٢٥ (طبعة مجمع دمشق- جزء فيه تراجم النساء).