للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من أعظم ما جَنَى على نفسه إفسادُه أهلَه وبني أعمامه أولاد الوليد وأولاد هشام واليمانية، وهم أعظم جند خُراسان (١)، وكان يكره المواضعَ التي فيها الناس، فكان ينتقل من مكان إلى مكان.

واشتدَّ على أولاد هشام ضربُ سليمان بن هشام مئة سوط، وحَلْقُ رأسه ولحيته، وتغريبُه إلى عمَّان، وحبسُه بها إلى أن قُتل الوليد [وقد ذكرناه].

ومن ذلك جارية كانت لآل الوليد فأخذَها، فكلَّمه عمُّه فيها، فقال: لا أردُّها. فقال عمُّه: إذن تكثر الصواهل حول عسكرك (٢).

ومنها: حبسُ يزيد بن هشام، ويقال له: الأفقم.

ومنها: أنه حبسَ سعيدَ بن بَيْهس حتى مات في الحبس، وكان قد استشارَه الوليدُ في البيعة لابنَيه الحَكَم وعثمان، فقال: لا أرى ذلك، فإنهما غلامان لم يحتلما. فنَقَم عليه (٣).

ومنها: أمرُه يوسف بن عمر بقتل خالد بن عبد الله القَسْري، وكان قد كتب إلى خالد أن يُبايع لابنَيه الحَكَم وعثمان، فامتنع وقال: ويحكم كيف أُبايع من لا أصلي خلفَه. ولا أقبلُ شهادتَه. قيل: فالوليد مع فسقه يُصلَّى خلفَه! قال: فسقُ [الوليد] غائبٌ عني ولا أتيقَّنُه، وإنَّما هو أخبارُ الناس.

وبلغ الوليدَ، فغضبَ عليه، ثم إن خالدًا بايعَ بعد ذلك، وبقي في قلب الوليد، فأمرَ يوسفَ بنَ عمر بقتله، فثارت اليمانيَّة حميةً لخالد (٤).

ومنها: أن بني هشام وبني الوليد شهدوا عليه بالكفر وغشيان أمَّهات أولاد أبيه، وقالوا: قد اتَّخذَ مئة جامعة، وكتبَ على كلِّ واحدة اسم رجل من بني أمية ليقتله بها،


(١) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٣١ (والكلام فيه بنحوه): وهم عُظْم جند أهل الشام.
(٢) أنساب الأشراف ٧/ ٥١٥، وتاريخ الطبري ٧/ ٢٣١ - ٢٣٢. والصواهل: جمع صاهل، وهو الفرس.
(٣) أنساب الأشراف ٧/ ٥١٦، وتاريخ الطبري ٧/ ٢٣٢.
(٤) المصدران السابقان.