للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنْ تكُ بِسطامًا فإني الخَيبَرِي … أضربُ بالسَّيفِ وأَحمي عَسْكَرِي

ثم مضى مَن بقيَ من أصحاب بِسطام إلى مروان، وسارَ سعيدُ بنُ بَهْدَل نحو الكوفة لمَّا بلغَهُ اختلافُ أهلِها مع أهل الشام، وأن ابنَ عُمر تُقاتِلُه المُضَربَّةُ، فمات سعيدٌ في طريقه بطاعون أصابَه، واستخلَفَ الضَّحَّاكَ بنَ قيس من بعده.

وكانت لسعيد امرأةٌ تسمَّى حَوْماء، فرثاه الخيبريُّ بأبيات، منها:

سقى اللهُ يا حَوْماءُ قبرَ ابنِ بَهْدَلٍ … إذا رَحَلَ السارونَ لم يَتَرَحَّلِ (١)

ثم جعلَ الضَّحَّاك طريقَه على الموصل، فتبعَه منها ومن الجزيرة ومن الأسواد (٢) نحوٌ من ثلاثة آلاف، وبالكوفة يومئذ النَّضْرُ بنُ سعيد الحَرَشي ومعه المُضَرِيَّة، وبالحِيرَة عبدُ الله بنُ عُمر في اليمانيَّة، والقتالُ يعملُ بينهم كلَّ يوم ما بين الحِيرة والكوفة.

فلما قَرُبَ الضَّحَّاك من الكوفة؛ اتَّفَقَ الحَرَشيُّ مع ابنِ عُمر، وصارَ أمرُهما واحدًا، وأجمعوا على قتال الضَّحَّاك، وخَنْدَقُوا على الكوفة، ومع ابنِ عمر يومئذٍ من أهل الشام نحوٌ من ثلاثين ألفًا.

وجاء الضَّحَّاك، فاقتَتَلُوا أيامًا، فظهر عليهم الضَّحَّاك، فقُتل عاصمُ بن عُمر بن عبد العزيز أخو عبد الله، وانهزمَ ابنُ عمر إلى واسط، وهَرَبَ الحَرَشيُّ والمُضَرِيَّةُ وإسماعيلُ بنُ عبد الله القَسْريُّ إلى مروان بالشام.

واستولى الضَّحَّاك والحَرُوريَّة على الكوفة وأرضها وجبال السَّوَاد (٣)، ثم تَوَجَّهَ إلى عبد الله بن عمر بواسط، واستخلفَ على الكوفة رجلًا من أصحابه -يقال له: مِلْحان- في مئتي فارس، ووصل إلى واسط، فحصَرَ ابنَ عمر بواسط (٤)، وكان معه عطيَّةُ الثعلبيّ من قُوَّاد قِنَّسْرِين، فخاف حصارَ الضَّحَّاك، فخرج في ثمانين (٥) من قومه طالبًا


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٢) يريد جمع سَوَاد، وهي قرى البلدات. والكلام ليس في (ص).
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣١٧: وجَبَوا السَّواد.
(٤) كذا وقع سياق الكلام في (خ) و (د) (والكلام منهما) بهذا التكرار، وعبارة الأصل (في المصدر السابق) أرصنُ وأحكم.
(٥) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣١٧: سبعين أو ثمانين.