للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابتدأ البناء في سنة خمس وأربعين ومئة، وفرغ في سنة ست وأربعين.

وبناها مدورة الشكل ليكون الملك في وسطها، ولا يكون إلى موضع أقرب من موضع، وهي ثلاثون ومئة جَريب (١)، وأنفق عليها ثمانية عشر أَلْف أَلْف درهم.

وقال الطبري: أنفق عليها أربعة آلاف (٢) وثمان مئة وثلاثة وثلاثين درهمًا، على المدينة والسور وقصر الذهب والإيوان والسقوف؛ لأن الأستاذ من الصنَّاع كان يعمل في يومه بقيراط إلى خمس حبات، والرُّوزجاري يعمل بحبتين إلى ثلاث حبات.

قال الخَطيب: ومبلغ الأربعة آلاف درهم من الفلوس مئة أَلْف [أَلْف] فلس وثلاثة وعشرون أَلْف فلس (٣).

وهذا تفاوت عظيم من ثمانية عشر أَلْف ألفما درهم إلى أربعة آلاف درهم.

وكانت كل لَبِنة عرض ذراع في ذراع، وزنها سبعة وعشرون رطلًا بالعراق (٤).

وكان أبو حنيفة النُّعمان بن ثابت يَعُدُّ اللَّبِن بالقصب، وهو أول من فعل ذلك.

وجعل لها أربعة أبواب: باب الكوفة لمن يأتي من الحجاز، وباب الشَّام لمن يأتي من المغرب (٥)، وباب البصرة لمن يأتي من البصرة والأهواز وفارس ونحوها، وباب خراسان لمن يأتي من المشرق، وبين كل باب وباب ألفًا ذراع ومئتا ذراع، ونقل إليها أبواب واسط -التي نقلها الحجاج من مدينة بناها سليمان قريبة من واسط، ويقال لها: الزَّنْدَوَرْد؛ اتَّخذت لها الشياطين خمسة أبواب من الحديد؛ لا يقدر على عمل مثلها أحد من النَّاس، وخربت تلك المدينة- وجعل على كل باب سورًا (٦) وحُجَّابًا، وعلى كل باب قائدًا، وجعل حولها الخنادق، وكان لا يدخل أحد راكبًا من هذه الأبواب إلَّا عم المنصور داود بن عليّ؛ فإنَّه كان مُنَقْرَسًا، فكان يُحمل على


(١) في (ب) و (خ): ومئة أَلْف جريب، والمثبت من تاريخ بغداد ١/ ٣٧٨، والمنتظم ٨/ ٧٥.
(٢) في تاريخ الطبري ٧/ ٦٥٥: أربعة آلاف ألف.
(٣) هذا الكلام من تتمة خبر الطبري وليس للخطيب، وإنما نقله الخَطيب في تاريخه ١/ ٣٧٨ - وعنه ابن الجوزي في المنتظم ٨/ ٧٥ - عن بعض الكتب.
(٤) في تاريخ بغداد ١/ ٣٨١، والمنتظم ٨/ ٧٥: وزنها مئة وسبعة عشر رطلًا.
(٥) في (ب): من الغرب.
(٦) في النسختين: ستورًا، وانظر تاريخ بغداد ١/ ٣٨٤، والمنتظم ٨/ ٧٧.