للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر طرفٍ من أخباره:

قال أبو نعيم الحافظ: حدثنا الغطريفي، حدثنا إسحاق بن دَيمُهر، حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا بشر بن المنذر قال: كنتُ إذا رأيتُ ابن أدهم كأنَّه ليس فيه روح، لو نفخَتْهُ الريحُ لسقط، قد اسودَّ، متدرع بعباءة (١).

وروى أبو نعيم عن شقيق البلخي قال: قلتُ لإبراهيم: تركتَ مُلْكَ خراسان، فقال: ما تهنَّيت بالعيش إلَّا في بلاد الشام، أفرُّ بديني من شاهقٍ إلى شاهق، أو من جبلٍ إلى جبل، من يراني يقول: موسوس، من يراني يقول: هو حمال (٢).

وروى أبو نعيم بإسناده إلى إبراهيم بن بشار قال: كنت يومًا مارًّا مع إبراهيم بن أدهم في الصحراء، فأتينَا على قبرٍ مسنَّمٍ، فترحَّم عليه وبكى، فقلت: قبر من هذا؟ فقال: قبرُ حميد بن جابر أمير هذه المدن كلِّها، كان غريقًا في بحار الدنيا، فأنقذَه الله منها، ولقد بلغني أنَّهُ سر يومًا بشيء من الملاهي، فنام في مجلسه ذلك مع من يخصُّه مع أهله، فرأى في منامه رجلًا قائمًا على رأسه بيده كتاب، فناولَه إيَّاه، ففتحَه، فإذا فيه مكتوب بالذهب: لا تؤثرنَّ فانيًا على باق، ولا تغترنَّ بملكك وقدرتك وسلطانك، وخدمك وعبيدك، ولذَّاتك وشهواتك، فإنَّ الذي أنت فيه جسيم لولا أنَّك عديم، [وهو ملك] (٣) لولا أنَّ بعدَه هُلك، وهو فرحٌ وسرور لولا أنَّ بعدَه غرور، وهو يوم لو كان يُوثَقُ له بِغَدٍ، وسارع إلى أمر الله تعالى، فإنَّ الله يقول: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٣٣]، فانتبه فزعًا وقال: هذا تنبيهٌ من الله ﷿، وهو موعظة، فخرجَ من ملكه ولم يعلم به، وقصدَ هذا الجبل فتعبَّد فيه، فلمَّا بلغني حديثُه قصدته فسألتُه، فحدثني ببدوِّ أمره، وحدَّثته ببدوِّ أمري، وما زلتُ أقصدُه حتى مات، ودفن هاهنا، فهذا قبرُه رحمه الله تعالى (٤).

وروى أبو نعيم عن ابن بشار عن إبراهيم بن أدهم، وذكر بدايته وأنه سمع نداءً يقول


(١) حلية الأولياء ٨/ ٩، ٢٧.
(٢) حلية الأولياء ٧/ ٣٦٩. ووقع في صفة الصفوة ٤/ ١٥٥: جَّمال.
(٣) ما بين حاصرتين من حلية الأولياء ٨/ ٣٣.
(٤) حلية الأولياء ٨/ ٣٣.