الخَيزُران: أمرتُ الخادمَ فعدل بها إلى مقصورة، فقال: واللهِ لو لم تفعلي ذلك ما دخلتُ عليك ولا كلَّمتك أبدًا، ثم أَقبل على زينبَ فوبَّخها وقبَّح فعلَها وأَمضَّها، ثم أَعرض عنها، وقال للخادم: ما قالت مزنةُ عند قيامِها من المجلس؟ قالت: قرأتْ: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا﴾ الآية [النحل: ١١٢]، فقال المهدي: عليَّ بها، فجاءت، فقرَّبها وأَدناها ورفع منزلتَها فوق منزلةِ زينب، وذاكرها أيامَ النَّاس، فوجدها بارعةً في كلِّ فنٍّ مع حُسن وجمال، فقال لها: يَا بنتَ العمّ، لولا ما تعلمين من أمركم لتزوَّجتك، ولكن لكَّ أَسوة، هؤلاء بناتُ الخلفاء، وأَقطعها ما لمثل واحدةٍ منهن، فأَقامت على أحسن حالٍ حتَّى توفّيت في أيَّام هارون.
قِصَّة العَلَوي:
انتبه المهديّ ليلةً من منامه فَزِعًا، فاستدعى صاحبَ شُرطته وقال له: صِرْ إلى المُطْبِق واطلب فلانًا العلويَّ الحسيني، وخيِّره بين المُقامِ عندنا والخروجِ إلى أهله، فإن اختار الخروجَ إلى أهله فأَعطِه كذا وكذا من المال، وإن اختار المقامَ عندنا فادفع له كذا وكذا من المال. قال: فجئتُ إلى المطبق، فطلبتُ الفتى وإذا به مثلُ الشَّنِّ البالي، فعرَّفته الحال، قال: لا بل أَخرج إلى أهلي إلى المدينة، فجهَّزته وأعطيته الصِّلَة كما أمرني، فلما عزم على الذَّهاب قلت له: بالذي فرَّج عنك ما كنتَ فيه هل تعلم ما دعا أميرَ المؤمنين إلى إطلاقك؟ قال: نعم، رأيتُ رسولَ الله ﷺ في هذه الليلةِ في المنام، فقال: يَا بُنَيَّ ظلموك؟ قلت: نعم. قال: قم فصلِّ ركعتين وقيل: يَا سابقَ الفوت، ويا سامعَ الصَّوت، ويا كاسيَ العظامِ بعد الموت، صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمَّد، واجعلْ لي من أمري فَرَجًا ومخرجًا، إنَّك تعلم ولا أَعلم، وتقدر ولا أَقدر، وأنت علَّامُ الغيوب، يَا أرحمَ الراحمين. قال: فقمتُ وفعلت ما أمرني به، ولم أزل أكرِّرها حتَّى دعوتَني. قال: وعدتُ إلى المهديِّ فحدَّثته الحديث، فقال: كنت نائمًا، وإذا بزِنجيٍّ بيده عمودٌ من حديدٍ واقفًا على رأسي وهو يقول: أَطلِق فلانًا العلويَّ وإلَّا قتلتك.
وقال صالحُ بن بشيرٍ المُرِّي: دخلتُ على المهديِّ ببغدادَ وهو بالرصافة، فقلت: يَا