الصَّمد يعوده، فقال: لا تأذنوا له، قالوا: كيف يمكن؟! فدخل عبدُ الصَّمد، فحرَّك سفيانُ وجهَه إلى الحائط، فسلَّم عبد الصَّمد، فلم يردَّ عليه، فقال عبدُ الصَّمد: يا سيف، أظنُّ أبا عبد اللهِ نائمًا، فقلت: أَحسبُ ذلك، فقال سفيان: لا تكذبْ، لستُ بنائم، فقال عبدُ الصَّمد: يا أبا عبدِ الله، هل من حاجة؟ قال: نعم، لا تَعُدني إذا مرضت، ولا تَشهدْني إذا متّ، وإذا ذُكرت عندك فلا تترحَّم علي، فخجل عبد الصَّمد فقام وخرج.
وذكر ابنُ عساكر (١) بمعناه، وفيه أنَّ سفيانَ لما استأذن عبدُ الصَّمد، قام فدخل مِخْدَعًا، فدخل عبدُ الصَّمد فقال: أين أبو عبدِ الله؟ قالوا: دخل لحاجة، وخرج سفيان فقعد، فقال عبدُ الصَّمد له: يا أبا عبد الله، بلغني قدومُك، وأنت عالمُ أهل المشرقِ ورَجلُهم، فأتيتُ إليك زائرًا، قال: فقال له: أَلَا أدلُّك على خير مما جئتَ له؟ قال: وما هو؟ قال: تعتزلُ ما أنت فيه، فتغيَّر وجهُ عبدِ الصَّمد وقال: يا أبا عبدِ الله، إن أبا جعفرٍ ما يرضى منِّي بهذا. ثم قام فخرج.
ذِكر وفاتِه:
حبسه هارونُ في سِرْدابٍ فيه ريش، فطارت ريشةٌ فدخلت في عينيه فذهبتا، ثم ثار به جُدَريّ، فمات وله تسعٌ وسبعون سنة، وقيل: إحدى وثمانونَ سنة، وصلَّى عليه هارونُ ليلًا، ودُفن في مقبرة بابِ البَرَدان.
أَسند عن أبيه وغيرِه، وروى عنه المنصورُ وابنُه المهديُّ وغيرهما.
ومن مسانيده: قال محمَّد بن إبراهيمَ الإِمام -وكان يجلس لولده وولدِ ولدِه في كلِّ خميسٍ يعظهم ويحدِّثهم- قال: أرسل إليَّ المنصورُ بكرةً واستعجلني الرَّسول، فدخلنا، فإذا الربيعُ واقفٌ عند السِّتر، والمهديُّ وليُّ العهد في الدِّهليز جالس، وإذا عبدُ الصَّمد بن عليٍّ وإسماعيلُ بن علي وجعفرُ بن محمَّد بن عليِّ بن الحسينِ بن عليِّ بن أبي طالبٍ وعبدُ الله بنُ حسنِ بن حسن، والعباسُ بن محمد، فقال الرَّبيع: اجلسوا مع بني عمِّكم، فجلسنا، فدخل الربيعُ وخرج، وقال للمهديّ: اُدخل أَصلحك الله،
(١) في تاريخه ١٠/ ٣٤١ (مخطوط)، وأخرج أيضًا رواية سيف ابن أخت الثوري السابقة، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ٤/ ٩١٣ بعد إيرادها: سيف تالف.