وعبدِ الله أن يخلعا القاسمَ بن أميرِ المؤمنين، فإن أفضت الخلافةُ إلى عبد اللهِ المأمون، فالأمرُ إليه في ذلك، إنْ شاء أَمضاه وإن شاء جعله فيمن يراه من ولده وإِخوتِه، وعلى المسلمين الطاعةُ بما في هذا الكتاب، فإن خالف أحدٌ أو نكث أو غدر، فبرئت منه ذمَّةُ اللهِ وذمَّةُ رسولهِ والمسلمين، وكلُّ مالٍ هو له أو يستفيده إلى خمسين سَنة، فهو صدقةٌ على المساكين، وعليه المشيُ إلى بيت اللهِ الحرامِ خمسين حِجَّة، وكلُّ مملوكٍ له أو فيما يستقبل إلى خمسين سنةً فهو حُرٌّ، وكلُّ امرأةٍ له فهي طالقٌ ثلاثًا، وكذا كلُّ امرأةٍ يتزوَّجها إلى خمسين سنة (١)، لا مثنويَّةَ فيها. واللهُ شهيدٌ على ذلك، وملائكتُه والمؤمنون مِن خلفه، وكفى بالله حسيبًا.
ونسخةُ كتابِ المأمونِ كتبه بيده في الكعبة: هذا كتابٌ لعبد اللهِ بن هارونَ الرشيدِ أميرِ المؤمنين، كتبه عبدُ الله ابنُه في صحَّةٍ من عقلٍ وجواز [من] أمر، إنَّ أميرَ المؤمنين ولَّاني العهدَ والخلافةَ بعد أخي محمَّد بن هارون، وولَّاني خراسانَ وأعمالها، وشرط على أخي محمَّد الوفاءَ بما عقد لي من الأمر، وألا يعرضَ لي في خراسانَ وأعمالها، ولا فيما أعطاني أميرُ المؤمنين من الضِّياع والرِّباعِ والأموالِ والجواهرِ والمتاعِ والدوابِّ والأثاثِ والرَّقيقِ وغيرِ ذلك، ولا يعرضَ لأحدٍ من عمَّالي ولا كُتَّابي، ولا [مَن] ضمَّه أميرُ المؤمنين إليَّ.
وذكر بمعنى ما ذكر محمَّد الأمين: وإنْ أراد أخي أن يولِّيَ من بعدي العهدَ أحدًا من ولده، فذلك له، وجعلت لمحمَّد عليَّ الوفاءَ بما شرطتُ على نفسي، وعليَّ بذلك عهدُ اللهِ وميثاقُه، وذمَّةُ اللهِ ورسولِه، وذمَّةُ أميرِ المؤمنين، وذِمَمُ المؤمنين، فإن نقصتُ شيئًا ممَّا شرطتُ عليَّ وسمَّيت في كتابي هذا أو غيَّرت أو بدَّلت أو نكثتُ أو غدرت، فبرئتُ من الله ومن دِين الله ودِين محمَّد ﷺ، ولقيت اللهَ يومَ القيامةِ كافرًا، وكلُّ امرأةٍ لي اليوم أو أتزوَّجها إلى ثلاثين سَنة، طالقٌ ثلاثًا طلاق الحَرَج، وكلُّ مالٍ لي اليومَ أو أَملكه إلى ثلاثين سَنة صدقة، وكلُّ مملوكٍ لي أو أَملكه إلى ثلاثين سَنة حرٌّ لوجه الله، وعليَّ المشيُ إلى بيت اللهِ الحرام ثلاثين حِجَّة، نذرًا واجبًا، حافيًا راجلًا، وكلُّ مالٍ أَملكه،
(١) نص الكتاب في تاريخ الطبري ٨/ ٢٧٨ - ٢٨١، والمنتظم ٩/ ١١٢ - ١١٥، وليس فيهما: وكذا كل امرأة يتزوجها إلى خمسين سنة.