للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مردودة، وأمَّا ولدي فأُصيب بذنبه وحقِّه، وما أخشى عليك الخطأ في أمره، ولا أنَّك جاوزتَ به فوق حدِّه، فتفكَّر في أمري، واذكرْ حالي، واعفُ عن ذنبٍ مِن صاحبه الزَّللُ ومنك الإِقالة، وإنَّما أعتذر إليك حتى ترضى، فإذا رضيتَ، لم يتعاظمْ ذنبي عندك غفرانُه. ثم كتب في أَسفلها: [من مجزوء الكامل]

قلْ للخليفة ذي الصَّنا … ئعِ والأيادي العاليهْ

وابنِ الخلائفِ من قُريـ … شٍ والملوكِ الهاديه

مَلِكَ الملوكِ وخير مَن … ساسَ البرايا الماضيه

إنَّ البرامكةَ الذيـ … ن رُموا لديك بداهيه

عمَّتهمُ لك سَخطةٌ … لم تُبقِ منهمْ باقيه

فكانَّهمْ في حالهم … أَعجازُ نخلٍ خاويه

صُفْرُ الوجوه عليهمُ … خِلَعُ المذلَّة باديه

بَعدَ الوزارة والإِما … رةِ والأمورِ الساميه

أضْحَوا وجُلُّ رضاهمُ (١) … منك الرِّضا والعافيه

يا لهْفَ نفسي حَسْرةً … ما للزَّمان ومالِيه

يا عطفةَ المَلِكِ الرِّضا … عُودي علينا ثانيه

فلمَّا وقف هارونُ عليها، وقَّع على رأسها: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ الآية [النحل: ١١٢]، وكتب في أسفلها:

يا آلَ برمكَ إنَّكمْ … كنتمْ ملوكًا عاتيهْ

فطَغَيتمُ وبَغَيتمُ … وكفرتمُ نَعمائيَه

أَجرى القضاءُ عليكمُ .. ما خنتموه علانيه

مِن تركِ نصح إِمامكمْ … عند الأمورِ الباديه

هذي عقوبةُ مَن عصى … مَعبودَهُ (٢) وعصانيه


(١) في العقد الفريد ٥/ ٦٩، والمحاسن والمساوئ ص ٥٣٦: مناهم.
(٢) في المحاسن والمساوئ ص ٥٣٨: من فوقه.