للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى ابنُ خميسٍ في "المناقب" أنَّه كان يعاشر الفتيان، وكان عليُّ بن عيسى بنِ ماهان أميرًا على خراسان، وكان يومئذٍ ببَلْخ، وله كلابُ صيد، وكان مغرًى بهنّ، ففقد كلبًا من كلابه وفي عنقه قِلادةٌ من ذهب، فسُعي برجل من جيران شقيقٍ أنَّه عنده، فطُلب الرجل، فدخل دارَ شقيقٍ مستجيرًا به، فمضى شقيقٌ إلى الوالي وقال: [خلُّوا] (١) عن الرجل، إنَّ الكلب في ضماني، أردُّه إليكم بعد ثلاثة أيام، فلمَّا ذهب يومان من الثلاثة، قدم رجلٌ من تجَّار بلخ من سفر، فرأى الكلبَ في البرية وفي عنقة القِلادة، وكان صديقًا لشقيق، فبعثه إليه، فسُرَّ به وبعث به إلى الوالي، فبرئ الرجل، فانتبه شقيقٌ وسلك طريقَ الزهد.

وحكى عنه أبو نُعيمٍ أنَّه قال: بلغني عن رجلٍ من المنقطعين بالبصرة، قال: فدخلت عليه، فقال: مَن أنت؟ قلت: شقيقٌ البلخي، قال: مؤدِّب أهلِ خراسان المتوكِّل في التوكُّل؟ قلت: كذا يقال، قال: فما بلغ من توكُّلك؟ قال: استوى عندي العِمران والخراب، فنظر إليَّ كالمُنكِر عليَّ وقال: إنَّما يَشكُّ في الرِّزق مَن يشك في الخالق، فلو كُنْتُ طيرًا لمَا (٢) استحللتُ أن أطيرَ فوق دارٍ أنت ساكنها.

وحكى السُّلمي عنه قال: حججت، فبتُّ ليلةً في المسجد الحرام حيال الكعبة، ونزل مَلَكان من السماء فوقفا عليّ، فقال أحدُهما للآخر: كم حجَّ العام، فقال له الآخَر: ثلاثة أنفس، فقال: هذا فيهم؟ وأشار إليّ، قال: لا، قال: ولم؟ قال: له ثوبان. قال: فلمَّا كان العامُ المقبل، حججت في عَباءٍ ونمت في ذلك المكان، وإذا بهما قد نزلا، فقال أحدهما للآخَر مثلما قال في العام الماضي، فقال له: وشقيقٌ فيهم؟ قال: نعم، وقد شفَّعه اللهُ في جميع مَن حجَّ (٣).

ذِكر نُبذةٍ من كلامه:

حكاه عنه أبو نُعيم والسُّلمي وابن خميسٍ في "المناقب" (٤) وغيرُهم، روى عنه حاتمٌ


(١) زيادة يقتضيها المعنى، وفي تاريخ دمشق ٨/ ٩٦، ومناقب الأبرار ١/ ١٨١: خلوا سبيله.
(٢) في (ب): لم.
(٣) هذا الخبر وسابقه في مناقب الأبرار ١/ ١٨٤، ١٨٥.
(٤) انظر حلية الأولياء ٨/ ٥٨ فما بعد، وطبقات الصوفية ص ٦١ فما بعد، ومناقب الأبرار ١/ ١٨٤ وما قبلها وبعدها.