والثاني: إنما أمره بإلقاءِ نعليه لتنال قدماه من بركة تلك الأرض المقدسة، لأنها قُدِّسَتْ بالكلام، قاله عكرمة.
والثالث: أنه علَّمه التواضع، ألا ترى أن من طاف بالبيت فإنه يخلع نعليه تواضعًا، قاله الحسن.
والرابع: أن المراد بالنعلين الزوجة، فكأنه يقول قد حضرت في هذه الحضرة، فلا تشغل قلبك من ناحيتها، ألا ترى أنَّ من رأى في منامه كأنه لبس نعلين فإنه يتزوج امرأة، قاله ابن نجيح.
واختلفوا في قوله: ﴿طُوًى﴾ قال الضحاك: هو اسم الوادي، وهو مستطيل عميق مثل الطويّ (١) في استدارته. وقال الحسن: طوى، أي: مطهر.
﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ [طه: ١٣] أي: اصطفيتك، إلى قوله: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [طه: ١٥] هذا خطاب للعرب بما يفهمونه.
فإن قيل: فاقد قال الله تعالى في موضع: ﴿فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى﴾ [طه: ٢٠] وفي مكان آخر: ﴿تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ﴾ [النمل: ١٠] وهي الحية الصغيرة، وفي موضع آخر: ﴿ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ [الأعراف: ١٠٧، الشعراء: ٣٢] فكيف الجمع بين هذا؟ فالجواب: إن قوله كأنها جان عبارة عن ابتداء حالها، ثم صارت حية، وتورمت حتى صارت ثعبانًا، والحية تجمع الكبير والصغير والذكر والأنثى.
فإن قيل: فما معنى: ﴿وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ﴾ [القصص: ٣٢] فالجواب: أن الجناح أسفل الإبط، وقيل: هو الإبط، والرَّهْب: الفزع. ﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ أي: برص ﴿آيَةً أُخْرَى﴾ [طه: ٢٢] سوى العصا، فأخرج يده من مِدْرَعته بيضاء لها شعاع كالشمس ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾ [طه: ٢٣] أي: الآية الكبرى.
فإن قيل: ذكر هاهنا ﴿وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ﴾ [طه: ٢٢] وفي موضع آخر ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ﴾ [القصص: ٣١] قلنا: المعنى لا يختلف، لأن معنى الكلام: إذا هالَكَ ما رأيتَ من شعاع يدك، فأدخلها في جيبك، تعدْ إلى حالتها الأولى.