للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الربيع بن أنس: أمره الله أن يضع يده على صدره ليذهب عنه الرعب عند معاينة الحية، قال: والدليل عليه هذه الآية، لأن الرهب هو الخوف والفَرَق.

وقال مقاتل: الرهب الكمُّ بلغة حمير، فعلى هذا معناه، أدخلها في الكم.

ثم قال له الله تعالى: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤)[طه: ٢٤] أي: علا وتكبَّر وكفر، فادعه إلى عبادتي، واعلم أني قد ربطتُ على قلبه، فقال: يا رب، كيف تأمرني بهذا وقد ربطتَ على قلبه؟ فقال له ملك: يا موسى انطلق، فإنَّا اثنا عشر ألف خازن من خُزَّان الرِّيح، لا ندري ما هذا ولا علمناه، فحينئذ قال موسى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه: ٢٥] أي: بالإيمان والنبوَّة، والشرح الكشف ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦)[طه: ٢٦] سهِّله لأُبَلِّغ الرسالة إلى فرعون ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧)[طه: ٢٧] قال ابن عباس: كان في لسانه رتَّة، وقيل: تمتمة، وقيل: هي الشامة التي ذكرناها، وقيل: مكان الجمرة التي أحرقت لسانه ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩)[طه: ٢٩] أي: معينًا وظهيرًا، ثم بيَّن من هو فقال: ﴿هَارُونَ أَخِي (٣٠)﴾ ﴿اشْدُدْ (١) بِهِ أَزْرِي (٣١)﴾ أي: أقوي به ظهري ﴿وَأَشْرِكْهُ (١) فِي أَمْرِي (٣٢)[طه: ٣٠ - ٣٢] أي: في الرسالة.

قال ابن عباس: لما أمره الله بالرسالة قال: ﴿إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [القصص: ٣٣] ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا﴾ وأحسن بيانًا ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا﴾ [القصص: ٣٤] أي: معينًا، فقال الله له: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾ أي: نقويك ونعينك، وكان هارون يومئذ بمصر ﴿وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾ أي: قوة وحجَّةً وبرهانًا ﴿فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ﴾ [القصص: ٣٥].

وقال ابن عباس: لما قتل القبطيَّ كان له اثنتا عشرة سنة، وأقام بمدين عشرين سنة.

وقال وهب: لما قتل القبطيَّ كان له عشرون سنة، وأقام عند شعيب عشرين سنة، حتى تمَّ له أربعون سنة فصلح كليمًا ونبيًا، وذلك معنى قوله تعالى ﴿ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى﴾.

وقال مقاتل: وقوله تعالى: ﴿اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي﴾ وهي اليد والعصا. ﴿وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي﴾ [طه: ٤٢] تضعفا وتفترا وتقصرا ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٤٣)﴾ أي: عتا وتجبر ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ [طه: ٤٣] أي: لا تعنفاه ولا تغلظا له. وقال عكرمة: معناه كنّياه


(١) أَشدُد، بفتح الهمزة، وأُشْرِكه بضمها، وهي قراءة ابن عامر ويحيى بن الحارث وأبو حيوة والحسن وعبد الله ابن أبي إسحاق. انظر السبعة ٤١٨، والتيسير ١٥١، وإعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٨.