للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسمُها ضَعْف، قال إبراهيم: فتطيَّرتُ من اسمها، فقال لها: غنِّي، فغنَّت بأبيات النابغة (١): [من الطويل]

كُلَيبٌ لَعَمْري كان أكثرَ ناصرًا … وأيسَرَ ذنبًا منك ضُرِّج بالدَّمِ

فتطيَّر وقال: غنِّي غيرَ هذا، فغنَّت: [من البسيط]

أبكى فراقُهمُ عيني فأرَّقها … إنَّ التفرُّق للأحباب بكَّاءُ

ما زال يعدو عليهمْ ريبُ دهْرِهمُ … حتى تفانَوا وريبُ الدهر عدَّاءُ (٢)

فقال لها: لعنكِ الله، أما تعرفين غيرَ هذا! فقالت: ما تغنَّيت إلَّا بما ظننت أنَك تحبه، فقال: غنِّي، فغنَّت: [من المنسرح]

أما وربِّ السُّكون والحَرَكِ … إنَّ المنايا كثيرةُ الشَّرَكِ (٣)

ما اختلف الليلُ والنهارُ ولا … دارت نجومُ السَّماءِ في فَلَكِ

إلا بنَقْل السلطانِ من مَلِكٍ … عانٍ بحبِّ الدُّنا إلى مَلِك (٤)

ومُلكُ ذي العرشِ دائمًا أبدًا … ليس بفانٍ ولا بمشتَرَك

فلعنها وأقامها، وبين يديه قدحُ بلَّور طويلٌ من عجائب الأقداحِ صنعةً كان يسمِّيه زُبَّ رُبَّاح (٥)، فعثرت الجاريةُ به فانكسر، فقال: يا إبراهيم، أما ترى؟! ما أظن أمري إلا قد قرب، وإذا بصوتٍ من دجلة يُسمع ولا يُرى له شخص: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ [يوسف: ٤١] فقُتل بعد يومين.

وقال السندي: جلس محمَّد ليلةً على بِساطٍ مُرَصَّع بالجواهر، وبين يديه عدَّةُ مُغَنِّيات، فغنَّت واحد وقالت: [من الطويل]


(١) هو النابغة الجعدي، والبيت في ديوانه ص ١٤٣، وتاريخ الطبري ٨/ ٤٧٦ و ٥١٣.
(٢) تاريخ الطبري ٨/ ٤٧٧، والأغاني ١/ ٥٢، ومصارع العشاق ١/ ١٤٤، وتاريخ دمشق ٦٥/ ٢٤٣ دون نسبة.
(٣) كذا في تاريخ الخلفاء ص ٣٠٠، وفي تاريخ دمشق ٦٥/ ٢٤٢: سريعة الدرك.
(٤) في المصادر اختلاف في رواية الشطر الثاني: انظر إضافة إلى المصدرين السابقين ديوان أبي العتاهية ص ٢٧٤، وعيون الأخبار ٢/ ٣٠٧، والأغاني ٤/ ١٠٥.
(٥) وهو ضرب من تمور البصرة. تاج العروس (ربح).