للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

همُّ قتلوه كي يكونوا مكانَه … كما غَدَرتْ يومًا بكسرى مَرازبُه (١)

فتطيَّر منها وسبَّها، وقال لأخرى: غنِّي، فغنَّت: [من الكامل]

مَن كان مَسرورًا بمَقْتَل مالك … فليَأتِ نسوَتنا بوَسط نهارِ

يَجِد النِّساءَ حَواسرًا يَنْدُبْنه … قد قُمْنَ قبل تبَلُّج الأسحار (٢)

فبكى وقام، ورمى البِساطَ في دجلةَ وقال: [من مجزوء الكامل]

يا نَفْسُ قد حَقَّ الحَذَر … أين المَفَرُّ من القَدَرْ

كلُّ امرئٍ ممَّا يخافُ … ويَرْتَجيه على خَطَر

مَن يَرتَشفْ صَفْوَ الزَّما … نِ يَغَصُّ يومًا بالكَدَرْ

وقال السِّندي: ومع هذا فما كان يصرف زمانَه إلَّا في اللهو واللعب، ولقد جلس يومًا على بِركةٍ فيها سَمَك، ورمى الشِّصَّ (٣) ليصيدَ، وحجارةُ المجانيق تقع بين يديه، فقيل له: قم من ها هنا، فقال: حتى أتمِّمَ صيدي.

واشتدَّ القتالُ يومًا على باب قصرِ الخُلد، وجاءت حجارةُ المنجنيق والشطَّارُ بين يديه يقاتلون، فقال لهم: تنحَّوا من ها هنا لئلَّا تُصيبَكم الحجارة؛ شفقةً عليهم. فقالوا له: إذا لم نقاتلْ نحن فقل لزبيدةَ تخرج تقاتل، فتمثَّل بقول الأفْوَهِ الأَوْدي وقال: [من البسيط]

لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سراةَ لهم … ولا سَراةَ إذا جُهَّالهمْ سادوا

تُهدَى الأمورُ بأهل الرأي ما صَلَحَت … فإنْ تَوَلَّت فبالأشرار تَنقاد (٤)

وقال المأمونُ للفضل بنِ سهل: قد كان لأخي رأيٌ لو عَمل به لظَفِر، قال: وما هو؟ قال: لو كتب إلى البلاد التي تحت أيدينا: خُراسانَ وطَبَرِسْتان والرَّيِّ وغيرِها بوضع


(١) انظر تاريخ الطبري ٨/ ٥١٣، والبيت في أنساب الأشراف ٥/ ٢٤٨، والكامل ٢/ ٩١٦، والأغاني ٥/ ١٢٠ ضمن قصيدة للوليد بن عقبة بن أبي معيط في عثمان بن عفان . والمرازب: جمع مَرْزُبان: وهو رئيس الفرس، أو الفارس الشجاع المقدم على القوم، وهو دون الملك في الرتبة. المعجم الوسط (رزب).
(٢) البيتان للربيع بن زياد العبسي، وهما في ديوان الحماسة ٢/ ٩٩٥ (بشرح المرزوقي)، وتاريخ الطبري ٨/ ٥١٢ - ٥١٣، والأغاني ١٧/ ١٧٨، والخزانة ٨/ ٣٦٩.
(٣) الشص: حديدة عقفاء يصاد بها السمك. القاموس المحيط (شصص).
(٤) الديوان ص ١٠ (الطرائف الأدبية)، والشعر والشعراء ١/ ٢٢٣، والأمالي ٢/ ٢٢٥، والحماسة البصرية ٢/ ٦٩.